كتب

الكيمياء الحيوية : كتاب شامل ومفصل عن الكيمياء الحيوية

 تتكون جميع الكائنات الحية، بدءًا من أبسط أنواع البكتيريا وصولاً إلى الإنسان، من خلايا تشترك في كيمياء متشابهة. هذه الكيمياء الحيوية توفر آليات تتيح للخلايا التفاعل مع البيئة، وتوليد الطاقة، وتنفيذ العمليات الحيوية المختلفة. تدرس الكيمياء الحيوية التفاعلات الكيميائية المعقدة التي تحدث داخل الخلايا، والجزيئات الناتجة عن هذه التفاعلات، مثل الدي إن إيه والبروتينات، التي تشكل البنيات الأساسية للحياة. وفقًا لعالم الفيزياء إرفين شرودنجر، تعتبر الحياة مجموعة من الذرات التي تنتج أحداثًا منظمة تتوافق مع البيئة، مما يعكس دقة القوانين التي تحكم هذه الأنشطة.

كتاب عن الكيمياء الحيوية

تجمع الخلايا الفردية لتكوين كائنات متعددة الخلايا، وتتواصل هذه الخلايا عبر تفاعلات كيميائية حيوية. تتضمن هذه العمليات استجابة الجزيئات للضوء، والتعرف على الجزيئات الغريبة من قبل الأجسام المضادة. أيضًا، تُستخدم العلاجات والأدوية لتعديل العمليات الكيميائية الحيوية، مثل البنسلين والأسبرين، مما يبرز أهمية الكيمياء الحيوية في الطب والحياة اليومية. على الرغم من أن الكتاب يتناول الكيمياء الحيوية بإيجاز، فإنه يسلط الضوء على العمليات الأساسية التي تشترك فيها جميع الكائنات الحية، ويشدد على تداخلها مع مجالات أخرى مثل علم الوراثة والفيزياء الحيوية.

 جذور الكيمياء الحيوية

يرتبط تاريخ الكيمياء الحيوية من عدة نواح بفهم ما يعد أقدم استخدامات التكنولوجيا الحيوية أي التخمر وإنتاج المشروبات الكحولية والجبن. ربما يتزامن تصنيع الجبن مع تطور الزراعة وتدجين الماعز والخراف منذ ما يقرب من 10 آلاف سنة. لقد كان اللبن الطازج المتروك في أجواء دافئة بيئة مثالية لتكاثر الميكروبات مثل بكتيريا المكورة اللبنية.
هذه البكتيريا تحول اللاكتوز في اللبن إلى حمض اللاكتيك، مما يؤدي بدوره إلى تختر البروتينات في اللبن وتكوين الروائب.

كان الانخفاض الناتج في محتوى اللاكتوز في الروائب ومصل اللبن الباقي بمنزلة نعمة كبيرة للبالغين من البشر في العصر الحجري الحديث. حيث إنهم كانوا يواجهون مشكلة في هضم اللاكتوز إذ لم يكن قد تطورت لديهم وسيلة لتكسير هذا النوع من السكر. وبالطبع يمكن عصر الروائب وتجفيفها لتكوين جبن سهل التخزين، وفي نحو هذا الوقت، استخدمت ثقافات أخرى الخميرة من أجل تخمر الجلوكوز وتحويله إلى الإيثانول، في هذه العملية، تتغلب الخميرة على البكتيريا الضارة. ما يجعل المشروب الناتج أكثر أمانًا في شربه من شرب المياه غير المعالجة.

علم الطاقة الحيوية

بما أننا تعرفنا الآن على كل مجموعات الجزيئات الكبيرة والدقيقة التي لها دور في الكيمياء الحيوية. فقد حان الوقت الدراسة بعض الأمثلة على طريقة عمل هذه الجزيئات معا بحيث تكون مسارات مترابطة من التفاعلات الكيميائية.
يميل الكون نحو الفوضى والحياة في أساسها معركة ضد تلك الإنتروبيا المتزايدة.
مواجهة الإنتروبيا تحتاج إلى طاقة. وبالنسبة إلى كل أشكال الحياة على الأرض تقريبا سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، فإن مصدر هذه الطاقة هو الشمس. وبالطبع البناء الضوئي هو العملية الكيميائية الحيوية التي تجمع أشعة الشمس وتستخدم طاقتها التحويل ثاني أكسيد الكربون والماء إلى كربوهيدرات.

لما كان ضوء الشمس مصدرا غنيا بالطاقة، فلا عجب أن يطور أكثر من شكل من أشكال الحياة عمليات لجمع ضوء الشمس. فالطحالب الحمراء والخضراء والهالوبكتيريا الأرجوانية وبكتيريا البناء الضوئي الحمراء، وبالطبع النباتات الخضراء. تستخدم كلها وسائل متنوعة لاحتجاز الطاقة من أشعة الشمس لكن في كل الحالات.

يبدأ البناء الضوئي باصطدام فوتون ضوء بجزيء صبغة بالنسبة إلى الهالوبكتيريا الأرجوانية فجزيء الصبغة ذاك عبارة عن نوع من فيتامين A (يسمى الريتينال). والذي هو أيضًا جزيء الصبغة في بروتينات استشعار الضوء في أعيننا. وصبغة الفيكوارترين هي التي تعطي للطحالب الحمراء لونها، لكن جزيئات الصبغة الحمراء المائلة إلى اللون البرتقالي التي تسمى الكاروتنويدات لها دور في النباتات والطحالب الخضراء. لكن أشهر جزيئات الصبغة التي تجمع الضوء هي الكلوروفيل. وفي الحقيقة، يوجد جزيئان شائعان مختلفان من جزيئات الكلوروفيل تستخدمهما النباتات ( وهما الكلوروفيل. والكلوروفيل ولكني لن أفضل الفرق بينهما انطلاقا من مبدأ الإيجاز.

تتبع الكيمياء الحيوية داخل الخلية

تهتم الكيمياء الحيوية في جوهرها بدراسة الجزيئات الحيوية وتفاعلاتها. ومنذ أن اكتشف أنسيلم باين إنزيم الأميليز عام 1833. فإن النهج السائد في هذا المجال هو استخلاص كميات كافية من الجزيء وتنقيته وعزله بحيث تتمكن التقنيات التحليلية المتاحة في وقتها من اكتشافه وقياسه. ونتيجة لذلك، وعلى مدى معظم تاريخ الكيمياء الحيوية فإننا ندرس سلوك مجموعات من الجزيئات. فقد اكتشف مولدر متوسط تركيب العناصر في بياض البيض وشاهد أنفينسن نتيجة إعادة طي مجموعة من جزيئات البروتين بطرقها الخاصة.

أما فرانكلين فلم يتعرف على بنية اللولب المزدوج في الدي إن إيه فحسب. بل تعرف أيضًا على مجموعة الجزيئات المكتظة في بلوراته. لكن على الرغم من النتائج المثمرة الجمة لهذا النهج، فإن له بعض العيوب الواضحة. إن أبرز تلك العيوب هي أننا بدراسة مجموعة الجزيئات لا نرى سوى السلوكيات المتوسطة، وبإخراج الجزيئات من بيئتها الأصلية. فإننا لا ندرس التفاعلات الحيوية. الأفضل أن يبدل هذا النهج ويحل محله نهج يعمل على دراسة الجزيئات الفردية.

وعندما تطبق هذا النهج الفردي على المواد الكيميائية الحيوية. فإننا ندخل إلى عوالم الفيزياء الحيوية للجزيئات الفردية تكمن الميزة الكبرى هنا في أننا لا يزال بإمكاننا باستخدام قياسات متعددة – استخلاص السلوكيات المتوسطة. يمكننا كذلك استنباط معلومات بشأن توزيع السلوكيات القابعة على جانبي المتوسط. ومع أن هذا النهج يبدو مثاليا، فإن هناك بالطبع تحديات فنية هائلة مرتبطة بدراسات الجزيئات الفردية، ليس أقلها مشكلة نسبة الإشارة إلى الضوضاء.

التكنولوجيا الحيوية وعلم الأحياء التخليقي

تناول الجزء الأكبر من هذا الكتاب الكيمياء الحيوية الطبيعية. لكن كلما زادت معرفتنا بعالم الكيمياء الحيوية، بدأنا التفكير في الكيفية التي قد تطوعه بها من أجل مصلحة البشر. ومن هنا نشأ مجال يطلق عليه في كثير من الأحيان التكنولوجيا الحيوية. وفي الآونة الأخيرة علم الأحياء التخليقي لا يزال ما يحتويه هذا المجال قيد التعريف على الرغم من المحاولة الجيدة المبذولة من جانب جمعية لندن الملكية عندما وصفت علم الأحياء التخليقي بأنه يسعى إلى تصميم وإنشاء مسارات أو كائنات أو أجهزة حيوية اصطناعية جديدة. أو إعادة تصميم الأنظمة الحيوية الطبيعية..

من الواضح أن النطاق الصغير جدا لعلم الأحياء التخليقي والمسارات والكائنات المتضمنة في هذا التعريف قائمة على المعرفة المستقاة من الكيمياء الحيوية. لكن فلسفته تتفق مع مبادئ الهندسة أكثر من اتفاقها مع مبادئ العلوم البحتة. وقد أصبح من الشائع الآن أن نرى دورة التطوير الهندسي المكونة من التصميم والبناء والاختبار والتحسين مطبقة على النطاق الصغير جدا جنبا إلى جنب مع الرغبة في الحصول على مخرجات نمطية وموحدة. وبالفعل شهدنا البداية في الأمثلة التي تناولناها بالفعل مثل البروتين الفلوري الأخضر وتفاعل البوليميراز المتسلسل وتقنيات تحديد تسلسل DNA.

في ثمانينيات القرن العشرين مع إنشاء الجينومات التخليقية وإعادة تشفير الشفرات الجينية وإنشاء الآلات الثانوية المصممة من البروتينات وغير ذلك الكثير. ولا يوجد مقياس لمدى التقدم في هذا الشأن أفضل من التغيير في تكلفة تحديد تسلسل الدي إن إيه. فقد حقق مشروع الجينوم البشري هدفه المتمثل في تحديد تسلسل الجينوم البشري عام 2003 بتكلفة بلغت 2.7 مليار دولار. وبعد أقل من عشرين عاما، توجد شركات تنجز العمل نفسه بتكلفة تبلغ أقل من ألف دولار للجينوم. وهناك ارتباط مثير للاهتمام بين انخفاض تكلفة قدرات المعالجة الحاسوبية التي لا تتوقف عن التوسع. وانتشار استخدام أجهزة الكمبيوتر وخفض التكاليف في التكنولوجيا الحيوية.

م.م. مرتضى شعيت

مرتضى حليم شعيت الصالحي، باحث وأكاديمي عراقي متخصص في العلوم الزراعية وعلوم الحياة. حاصل على شهادة البكالوريوس في العلوم الزراعية (2018) والماجستير في فيزياء التربة (2023). أعمل كمدرس مساعد في قسم علوم الحياة والبيئة، وأشغل منصب مسؤول شعبة الإحصاء في جامعة البصرة. خبير في تحسين الترب الزراعية، الزراعة المائية، وصناعة الأسمدة العضوية. أسعى من خلال عملي إلى دعم البحث العلمي وتطوير حلول مستدامة في القطاع الزراعي، بما يخدم الأكاديميين والمجتمع الزراعي على حد سواء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى