رسائل واطاريح

السمنة: دراسة مقارنة لتأثير مستخلص نبات القرفة على كبد الجرذان المصابة بفرط الدهون

تُعتبر السمنة واحدة من أبرز المشكلات الصحية العالمية التي تؤثر على العديد من الأفراد، حيث شهدت السنوات الأخيرة زيادة ملحوظة في عدد المصابين بها. تتداخل عوامل مثل العمر والجنس والعرق مع انتشار هذه الحالة، حيث يُعتبر النظام الغذائي الغني بالدهون أحد الأسباب الرئيسية للسمنة. ترتبط السمنة بالعديد من المضاعفات الصحية الخطيرة، بما في ذلك ارتفاع مستويات الدهون والكوليسترول، وارتفاع ضغط الدم، ومرض السكري من النوع الثاني، وأمراض القلب الوعائية، بالإضافة إلى السرطانات واضطرابات الغدد. هذه العواقب الصحية تتطلب اهتمامًا فوريًا من المجتمع الطبي ومن الأفراد على حد سواء.

دراسة مقارنة لتأثير مستخلص نبات القرفة على كبد الجرذان المصابة بفرط الدهون

يستخدم عقار الميتفورمين، المعروف أيضًا باسم dimethyl biguanide، بشكل واسع لخفض مستويات الجلوكوز في الدم لدى مرضى السكري من النوع الثاني، وخاصة الذين يعانون من السمنة المفرطة. يعمل الميتفورمين على تقليل المضاعفات المرتبطة بالسكري عن طريق خفض مستوى الجلوكوز في الجسم وزيادة حساسية الأنسولين، كما يثبط إنتاج الجلوكوز في الكبد ويقلل امتصاصه في الأمعاء. بالإضافة إلى استخدامه في علاج السكري، يُستخدم الميتفورمين أيضًا في معالجة الاضطرابات الأيضية المرتبطة بأمراض نقص المناعة مثل الإيدز، وتنظيم عمليات الإباضة، وعلاج متلازمة تكيس المبايض.

تكتسب النباتات الطبية، مثل نبات القرفة، أهمية متزايدة في معالجة الأمراض، حيث تُعتبر مصدرًا مهمًا للمواد الفعالة المستخدمة في العقاقير الطبية. تظهر الأبحاث أن استخدام الأعشاب الطبيعية يمكن أن يقلل من الآثار الجانبية الناتجة عن الأدوية الكيميائية، مما يجعلها خيارًا شائعًا في البلدان النامية، حيث يعتمد حوالي 80% من السكان على الطرق التقليدية للعلاج. تُستخدم العديد من الأعشاب، بما في ذلك القرفة المعروفة محليًا باسم الدارسين. بشكل واسع في خفض مستويات الدهون في الدم، وتتميز القرفة بخصائصها الطبية المفيدة، حيث تحتوي على الألياف والمعادن الأساسية مثل المنغنيز والحديد والكالسيوم.

السمنة

تعد السمنة حالة مرضية ناتجة عن تراكم الدهون في الجسم. مما يؤدي إلى زيادة الوزن وتجاوز الكمية المطلوبة لأداء الوظائف الطبيعية. يوجد نوعان من الدهون: الدهون الأساسية الضرورية لأداء وظائف الجسم، والدهون المخزونة التي تتجمع في الأنسجة تحت الجلد نتيجة لاستهلاك طاقة إضافية من الطعام. تعتبر السمنة اضطرابًا مزمنًا يتفاعل فيه العديد من العوامل البيئية والوراثية. وتتميز بارتفاع مستويات الأحماض الدهنية والكوليسترول، وضعف حساسية الأنسولين، بالإضافة إلى مشاكل صحية مثل ارتفاع ضغط الدم وصعوبة التنفس. ترتبط السمنة بالعديد من الحالات الصحية الثانوية، مثل أمراض القلب والسرطان ومرض السكري من النوع الثاني. وهي تؤدي إلى وفاة أكثر من 82 مليون شخص سنويًا حول العالم.

تتعدد أسباب السمنة، حيث تشمل تناول السعرات الحرارية بكميات مفرطة، وقلة النشاط البدني، والعوامل الجينية. العوامل المؤثرة على السمنة تشمل الجنس، العمر، الوضع الاجتماعي والاقتصادي، استهلاك الطاقة، والنشاط البدني. على الرغم من فعالية تعديل نمط الحياة في فقدان الوزن، إلا أن الالتزام طويل الأمد بالنظام الغذائي لا يزال تحديًا. ويحتاج الكثيرون إلى علاجات دوائية لتنظيم صحتهم الأيضية. تشير الدراسات إلى أن زيادة الكولسترول والدهون في النظام الغذائي يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع مستويات الكوليسترول في الدم. مما يعزز من خطر الإصابة بالسمنة والمضاعفات المرتبطة بها.

تصنيف السمنة Classification of obesity

يتم تحديد أو تصنيف السمنة من خلال مؤشر كتلة الجسم (Body Mass Index). والذي يتم تقيمه على أساس توزيع الدهون في الجسم عن طريق قياس نسبة الخصر إلى الورك وعوامل الخطر القلبية الوعائية الكلية ويرتبط ال (BMI) ارتباطاً وثيقاً بكل من نسبة الدهون واجمالي الدهون في الجسم. اما في الاطفال فيختلف الوزن الصحي باختلاف الجنس والعمر وفضلاً عن ذلك لا تعرف السمنة لدى الاطفال المراهقين على انها رقم مطلق . وعلى أساس توزيع الدهون في الجسم تقسم السمنة إلى نوعين :

  1. السمنة المركزية او (Android type ) والتي يكون فيها توزيع الدهون فيالجزء العلوي من الجسم وبشكل رئيسي في البطن وهي شائعة في الذكور .
  2. السمنة الاقليمية او (Female type ) في هذا النوع تترسب الدهون بشكل رئيسي في الفخذين والوركين وهي شائعة لدى الاناث.

أسباب السمنة Causes of obesity

العوامل البيئية

تشير العوامل البيئية إلى مجموعة من العوامل التي تسهم في تحقيق توازن الطاقة الإيجابي وزيادة الوزن على مدى السنوات العديدة الماضية. من بين هذه العوامل، تبرز كميات المواد الغذائية التي يستهلكها الفرد. وخاصة الأطعمة ذات السعرات الحرارية العالية التي يتم تناولها بكميات كبيرة. بحسب Hall et al. (2009)، فإن هذا الاستهلاك المفرط يُقلل من الوقت الذي يقضيه الفرد في الأنشطة البدنية. بالإضافة إلى ذلك، تتراجع الأنشطة البدنية في أوقات الفراغ لصالح الأنشطة المستقرة. مثل استخدام الأجهزة الإلكترونية ومشاهدة التلفزيون.

علاوة على ذلك، يسهم زيادة استخدام الأدوية التي تسبب زيادة الوزن كأثر جانبي في تفاقم المشكلة. كما أن قلة النوم تلعب دورًا مهمًا في هذه الديناميكية، حيث تؤثر على التوازن الهرموني والشهية، مما قد يؤدي إلى زيادة الوزن. لذا، فإن العوامل البيئية تلعب دورًا حاسمًا في زيادة معدلات السمنة وتؤثر مباشرة على صحة الأفراد ورفاههم.

العوامل الوراثية

ليس جميع الأشخاص المعرضين للبيئات الحضرية والريفية يعانون من السمنة، مما يشير إلى وجود آليات وراثية تعمل على المستوى الفردي. على الرغم من أن التقديرات تختلف بين التوائم الأسرية، تشير الدراسات إلى أن معدل وراثة مؤشر كتلة الجسم (BMI) مرتفع، حيث يصل إلى حوالي 70%. وقد تم التعرف على أحد عشر نوعًا من السمنة النادرة، بما في ذلك السمنة الناتجة عن نقص اللبتين والسمنة المرتبطة بجين 4-melanocortin، الذي يتم التعبير عنه بشكل رئيسي في منطقة ما تحت المهاد. تلعب هذه الجينات دورًا حيويًا في تنظيم استتباب الطاقة في الجسم.

تشير الأبحاث إلى أن الطفرات الوراثية غير المتماثلة في جين مستقبلات 4-melanocortin تعتبر السبب الأكثر شيوعًا للسمنة الأحادية. والتي تظهر لدى 2 إلى 5% من الأطفال الذين يعانون من السمنة المفرطة. بالإضافة إلى ذلك، تشمل الاستراتيجيات المستخدمة على نطاق واسع لاكتشاف الآليات متعددة الجينات التي تزيد من قابلية السمنة الشائعة فحص الجينوم بالكامل في عينات كبيرة. بهدف تحديد أشكال متعددة النيوكليوتيدات المرتبطة بمؤشر كتلة الجسم (BMI) والسمات الأخرى المرتبطة بالسمنة. هذه الأساليب تساهم في فهم أفضل للعوامل الوراثية التي تسهم في تفشي هذه المشكلة الصحية.

اضطراب تنظيم توازن الطاقة

يعد اضطراب تنظيم توازن الطاقة نتيجة تفاعل معقد بين الجينات والبيئة، حيث ينظم هذا النظام العمليات الفسيولوجية المرتبطة بتوازن الطاقة والوزن. تحتوي النواة المقوسة تحت المهاد على مجموعتين من الخلايا العصبية التي تُنشط أو تُثبط بواسطة هرمونات الببتيد العصبي. تلعب هذه الخلايا دورًا أساسيًا في التحكم بتوازن الطاقة من خلال تنظيم تناول الطعام واستهلاك الطاقة على المدى القصير والطويل. يتم ذلك عبر شبكة من الآليات المركزية والإشارات الطرفية التي تأتي من الخلايا الموجودة في الأنسجة الدهنية، البنكرياس، المعدة، وأعضاء أخرى.

بالإضافة إلى ذلك، تساهم مناطق الدماغ خارج منطقة ما تحت المهاد في تنظيم توازن الطاقة من خلال إدخال الإشارات الحسية والعمليات المعرفية. مما يؤثر على التجارب الذوقية وذاكرة استهلاك الطعام. عندما يقل تناول الطعام أو يزداد النشاط البدني. يحدث توازن سلبي يُعقبه مجموعة من الآليات التكيفية المركزية والمحيطية التي تهدف إلى الحفاظ على الوظيفة الحيوية. ومع ذلك، قد تؤدي الزيادة في الإشارات المركزية الأصلية إلى تنظيم غير معتاد للشهية وتناول الطعام. مما يحد من فقدان الوزن المتوقع المرتبط بالتدخلات مثل برامج التمرين.

الآثار الصحية للسمنة

تُعتبر السمنة عامل خطر رئيسي للإصابة بالعديد من الأمراض المزمنة. بما في ذلك ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب التاجية، التي قد تؤدي إلى أزمات قلبية. كما ترتبط السمنة بشكل وثيق بخلل شحميات الدم، والذي يتجلى بزيادة مستويات الكولسترول والدهون الثلاثية، بالإضافة إلى نقص البروتينات الدهنية عالية الكثافة (HDL). هذه التغيرات تزيد من خطر الإصابة بتصلب الشرايين، مما يؤثر سلبًا على صحة الأوعية الدموية. السمنة المركزية، على وجه الخصوص، تزيد من احتمالية الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني. حيث تعزز الدهون المتراكمة في منطقة البطن مقاومة الأنسولين، مما يؤدي إلى تفاقم المشاكل الصحية المرتبطة بالتمثيل الغذائي.

بالإضافة إلى ذلك، ترتبط السمنة بمشكلات صحية أخرى تشمل اضطرابات الجهاز التنفسي مثل انقطاع النفس النومي. مما يسبب انخفاض سعة الرئة وقدرة التنفس. كما أن الأفراد البدناء معرضون للإصابة بحصى المرارة ومرض الكبد الدهني غير الكحولي، الذي قد يتطور إلى تليف الكبد. علاوة على ذلك، تساهم السمنة في زيادة خطر الإصابة بأنواع معينة من السرطان، مثل سرطانات الثدي والقولون والبروستات. بالإضافة إلى مشاكل في العظام والمفاصل، مثل هشاشة العظام والنقرس. تؤدي السمنة أيضًا إلى مشكلات جلدية مثل مرض الشواك الأسود، مما يزيد من خطر العدوى الفطرية.

خلاصة الدراسة

أجريت هذه الدراسة لاستكشاف تأثير عقار المتفورمين ومستخلص نبات القرفة في بعض المعايير الفسيولوجية والنسجية على ذكور الجرذان البيض المستحدث فيها السمنة. تضمنت التجربة الأولى 60 ذكرًا من الجرذان، حيث تم تقسيمها إلى مجموعتين: الأولى تناولت العليقة العادية. والثانية استحدثت السمنة بإضافة الكولسترول والشحم الحيواني وأملاح الصفراء. أظهرت النتائج ارتفاعًا ملحوظًا في مستويات الدهون في الدم في المجموعة الثانية مقارنة بالمجموعة الأولى. في التجربة الثانية، تم تقسيم المجموعة الثانية إلى ثلاث مجموعات. حيث تم تجريع مجموعة بعقار المتفورمين وأخرى بمستخلص القرفة، بينما تناولت مجموعة أخرى غذاءً عالي الدهون.

عند تقييم النتائج، أظهرت المجموعة التي تلقت المتفورمين ومستخلص القرفة انخفاضًا معنويًا في وزن الجسم ومستويات الجلوكوز. بينما لم تظهر فروقًا معنوية في مستويات الكوليسترول والدهون الثلاثية. الفحوصات النسجية للكبد والكلية أظهرت أن معظم الخلايا كانت طبيعية، مع بعض التغيرات الطفيفة. بالمقابل، المجموعة التي تناولت الغذاء العالي الدهون أظهرت تدهورًا ملحوظًا في المعايير الصحية. بما في ذلك ارتفاع مستويات الإنزيمات الكبدية ومؤشرات وظائف الكلى. وفي الختام، أظهر المتفورمين فاعلية في تحسين صورة الدهون ومستويات الجلوكوز، مع تقليل التغيرات النسجية السلبية في الكبد والكلية.

اقرأ ايضا: دراسة مقارنة لعزلات بكتريا Staphylococcus aureus  المعزولة من مياه النهر و من حالات سريرية

م.م. مرتضى شعيت

مرتضى حليم شعيت الصالحي، باحث وأكاديمي عراقي متخصص في العلوم الزراعية وعلوم الحياة. حاصل على شهادة البكالوريوس في العلوم الزراعية (2018) والماجستير في فيزياء التربة (2023). أعمل كمدرس مساعد في قسم علوم الحياة والبيئة، وأشغل منصب مسؤول شعبة الإحصاء في جامعة البصرة. خبير في تحسين الترب الزراعية، الزراعة المائية، وصناعة الأسمدة العضوية. أسعى من خلال عملي إلى دعم البحث العلمي وتطوير حلول مستدامة في القطاع الزراعي، بما يخدم الأكاديميين والمجتمع الزراعي على حد سواء.

تعليق واحد

  1. شكرا لكم على الدراسات الشيقة النافعة للبشرية ودمتم سالمين معززين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى