نبات كف مريم: تأثير مستخلص كف مريم على مبايض وخصى الأرانب
تعتبر النباتات الطبية جزءًا مهمًا من التراث الثقافي والطب التقليدي في العديد من المجتمعات. واحدة من هذه النباتات هي نبات كف مريم (Vitex agnus-castus)، التي تستخدم في الطب الشعبي لمجموعة متنوعة من الحالات. تهدف هذه الدراسة إلى استكشاف تأثير المستخلص الكحولي لهذا النبات على التركيب النسجي للمبايض والخصى في إناث وذكور الأرانب، مما يمكن أن يقدم رؤى جديدة حول فعالية هذه العشبة في الطب الحديث.
النباتات الطبية
يعود استخدام النباتات الطبية إلى حوالي 6000 عام، إذ كان البابليون والسومريون من أوائل الشعوب التي اهتمت بها، حيث استخدموا جذورها وأزهارها كعلاج للأمراض. ويعتبر طبيب سومري في نهاية الألف الثالث قبل الميلاد هو أول من دوّن وصفات طبية على لوح طيني. ومع زيادة الآثار الجانبية للأدوية الكيميائية، ارتفعت الاهتمامات بالبحث عن بدائل طبيعية، مثل الأعشاب والنباتات الطبية.
أبو قراط، المعروف بأبي الطب، أشار منذ عام 450 قبل الميلاد إلى أهمية نبات كف مريم في معالجة عدة حالات صحية. وقد شهدت الفترة الأخيرة عودة ملحوظة لاستخدام النباتات الطبية كبدائل لعلاج العديد من الأمراض، نظرًا لفعاليتها المحدودة الآثار الجانبية.
تحتوي هذه النباتات على مركبات كيميائية فعالة تعرف بالمستقلبات الثانوية، مثل القلويدات والفلافونيدات والزيوت الأساسية، التي تُستخدم لمكافحة الجراثيم. يمكن استعمال هذه المركبات إما مباشرة من النبات أو عن طريق استخلاصها لتحضير أدوية لعلاج أمراض متعددة.
من بين النباتات الطبية الشهيرة المستخدمة هي الريحان، النعناع، كف مريم، الحبة السوداء، الزنجبيل، والبابونج، التي أثبتت فعاليتها في معالجة الأمراض الجلدية وغيرها.
نبات كف مريم Vitex agnus-castus
نبات كف مريم Vitex agnus castus هو من النباتات المصنفة ضمن عائلة متساقطة الأوراق العائلة اللوزية Verbenaceae. لكن تم ادراجه ضمن عائلة الشفوية Lamiaceae وله التصنيف العلمي :
يعتبر نبات كف مريم شجرة متساقطة الأوراق، يصل ارتفاعها بين 1-5 أمتار. وتزرع في المناطق المعتدلة والدافئة، خاصة حول البحر الأبيض المتوسط. يتحمل النبات درجات الحرارة المرتفعة ويُعتبر مثالياً للبيئات الصحراوية، حيث يزرع منفرداً أو كجزء من سور نباتي. يعرف أيضاً بشجرة التوت البري، ويحتوي على مركبات فلافونويد تعزز من جريان الحيض. مما يجعله مهمًا في تنظيم الغدد الصماء الأنثوية وعلاج مشكلات مثل انقطاع الطمث والعقم، لذا يُطلق عليه لقب “عشبة الطمث”.
تعود تسميته بـ “الفلفل الراهب” إلى استخدامه من قِبل الرهبان للتحكم في الرغبة الجنسية. تظهر الأبحاث أن كف مريم تؤثر على مستقبلات الدوبامين، مما يساعد في تنظيم مستوى هرمون البرولاكتين، الذي يؤثر بدوره على الإباضة. على الرغم من عدم تأثيره المباشر على المبايض، إلا أن له تأثيراً على الغدة النخامية.
يحتوي كف مريم على مركبات فعالة مثل القلويدات والصابونيات، ويدعم صحة المرأة من خلال تنظيم مستويات الهرمونات. كما يُستخدم في علاج حب الشباب ويؤثر على توازن الهرمونات في الجسم. تشير الدراسات إلى فعاليته في خفض مستويات هرمون الحليب وزيادة فرص الحمل.
الفوائد الطبية لنبات كف مريم
أظهرت الدراسات التي أجراها الباحث Upchurch وزملاؤه في عام 2010 أن المستخلص الكحولي من نبات كف مريم، والذي يحتوي على ثمار وأزهار، يرتبط بمستقبلات الاستروجين (ERα وERβ). تؤكد النتائج أن هذا النبات يمتلك تأثيرات تحفيزية على التعبير عن هذه المستقبلات، مما يشير إلى أهمية الفلافونيدات الموجودة فيه. من بين هذه المركبات، تعتبر مادة vitexin قادرة على الارتباط بكلا نوعي مستقبلات الاستروجين. بينما مادة apigenin ترتبط بنوع ERβ فقط. تشير الأبحاث إلى أن apigenin قد تحسن التفاعل العصبي وتساعد في علاج الاضطرابات العصبية مثل الزهايمر والفصام.
في دراسة أخرى تمت في عام 2009، تم اختبار تأثير زيوت كف مريم على 23 سيدة تعاني من أعراض سن اليأس مثل ضعف المزاج ونزيف الرحم واضطراب النوم. أظهرت النتائج تحسناً ملحوظاً في الأعراض لدى معظم المشاركات، حيث عادت الدورة الشهرية لبعضهن بعد انقطاع طويل. كما أجريت دراسة في عام 2003 كشفت أن استخدام كريمات تحتوي على زيوت كف مريم ساهم في تحسن أعراض سن اليأس لدى حوالي 33% من النساء، مما يعكس فعالية هذه الزيوت في تخفيف الأعراض المرتبطة بهذه المرحلة.
بالإضافة إلى الفوائد الصحية، أظهرت الأبحاث أيضاً أن الزيوت الأساسية من كف مريم لها تأثيرات مضادة للميكروبات، حيث أثبتت فعاليتها ضد عدة أنواع من البكتيريا مثل Salmonella وStaphylococcus aureus. كما أظهرت دراسة أخرى أن هذه الزيوت يمكن استخدامها كطارد للحشرات، حيث أثبتت فعاليتها في صد البعوض والذباب والعناكب لمدة تصل إلى 6 ساعات، مما يجعلها مفيدة في تطبيقات متعددة.
الملخص
أجريت الدراسة الحالية لتقييم تأثير الحقن تحت الجلد بالمستخلص الكحولي لنبات كف مريم (Vitex agnus-castus) على نسيج الخصى والمبايض في الأرانب (Orectolagus cuniculus). استخدمت الدراسة 42 أرنباً تم تقسيمها إلى أربع مجموعات: مجموعة تحكم تم علاجها بالماء المقطر، وثلاث مجموعات تجريبية تلقت المستخلص الكحولي بتركيزات 100، 200، و300 ملغم لكل كغم من وزن الجسم لمدة 30 يوماً. تم تحضير المقاطع النسجية باستخدام طريقة البارافين، وتم تحليل المستخلص الكحولي باستخدام جهاز GC-MASS، حيث أظهرت النتائج وجود 10 مركبات فعالة، مع أعلى تركيز لمركب Di-t-bu Linolic Acid.
أظهرت النتائج أن التغيرات النسجية في الخصى للأرانب المعاملة بتركيز 100 ملغم لكل كغم كانت متباينة، حيث لوحظ وجود بعض النبيبات المنوية السليمة وأخرى مع تضرر. بينما أظهرت التركيزات الأعلى (200 و300 ملغم لكل كغم) ضرراً واضحاً في نسيج الخصى، بما في ذلك تفكك خلايا السلالة وانفصال الطبقة الظهارية. من ناحية أخرى، كانت التغيرات في المبايض أكثر إيجابية عند التركيز 100 ملغم لكل كغم، حيث لوحظ زيادة في عدد الحويصلات المبيضية، مما يشير إلى تحسين في خصوبة الأرانب الأنثوية.
بالمقابل، عند التركيز 200 ملغم لكل كغم، ظهرت تغيرات مرضية مثل انخفاض في مخزون الجريبات. وعند التركيز 300 ملغم، تم ملاحظة تحلل في خلايا الجريبات المبيضية. توصلت الدراسة إلى أن المستخلص الكحولي لنبات كف مريم له تأثيرات ضارة على خصوبة الأرانب الذكور عند زيادة الجرعة، بينما أظهر تأثيراً إيجابياً على خصوبة الإناث عند الجرعة المنخفضة. هذه النتائج تسلط الضوء على إمكانية استخدام المستخلصات النباتية في تعزيز الخصوبة والأنشطة المضادة للميكروبات.
الخاتمة
تؤكد هذه الدراسة على أهمية البحث العلمي في فهم تأثيرات النباتات الطبية وتقديم توصيات دقيقة للاستخدام. يمكن أن تكون كف مريم خيارًا فعالًا في الطب البديل، بشرط استخدامه بحذر وتحت إشراف طبي.