الغدة الدرقية : كتاب عن الخلل الوظيفي في الغدة الدرقية عند الأطفال
اختلال الغدة الدرقية عند الأطفال هي من أكثر الأمراض التي يتساءل عنها الأهل، وخصوصاً إذا كانت الحالة الأولى التي تشخص في العائلة. وتتكرر بعض الاضطرابات الدرقية في العائلات، لذا فإنه من المهم أن يطلع الطبيب على الحالة الأسرية. ويتعرف على وجود المرض بين أفراد الأسرة وكيفية مراقبة الأطفال. هذا وتميل البنات إلى أن يكن عُرضة للمشكلات الدرقية، بسبب التغييرات الهرمونية في مراحل حياتهن، لذا رأينا أن هناك أهمية للكتابة في موضوع الغدة الدرقية عند الأطفال.
لما كان الطفل يشكل جزءاً هاماً في مجتمعنا، كان من الواجب التطرق المواضيع تهم صحته بالإضافة إلى الأمور التي تخص نموه وتطوره. كما وقد يظن البعض أن مشكلات الطفل الصحية تخص فقط رضاعته وطعامه وحالات النزلات المعوية العابرة التي تكثر في مرحلة الطفولة عنها في بقية مراحل العمر. كما ان هذا الظن لم يعد له مكان في زماننا، فالأم التي كانت تكتفي بالاهتمام بالبيت.
يتطرق الكتاب إلى عدة محاور تدور حول اختلال الغدة الدرقية عند الأطفال ففي الفصل الأول نسرد شرحاً مبسطاً لمنشأ الغدة الدرقية ووظيفتها يتبعه الفصل الثاني الذي يعرض بصورة سهلة كيفية قراءة تحليل وظائف الغدة الدرقية، ومن ثم نعرج عبر الفصول الخمسة الأخيرة إلى ذكر أهم الاختلالات التي تصيب الغدة الدرقية لدى الأطفال مع ذكر أساليب العلاج المتبعة.
وظائف الغدة الدرقية
إن الوظيفة الأساسية للغدة الدرقية هي إنتاج هرمونات الثيروكسين (4 T)، وثلاثي يودو الثيرونين (T3)، وهرمون الكالسيتونين (Calcitonin). يشكل الثيروكسين (4) حوالي 80 % من إجمالي إنتاج الهرمون ويحوّل إلى (3 T) بالأعضاء الخارجية، مثل الكبد والكليتين والطحال، ويعمل هرمون (3 T) بنشاط أكثر من (4 T). وتعتبر خلايا الدماغ هي الهدف الرئيسي للهرمونات الدرقية (T3 و 4 T). كما تلعب الهرمونات الدرقية دوراً حاسماً في تطوير الدماغ أثناء الحمل، حيث يتم نقل الهرمون محمولاً على بروتين ناقل مخترقاً الأغشية الشوكية الدماغية ليصل إلى جدار الخلية العصبية الخارجي. ومن ثم يحمله بروتين ناقل آخر يحمل هرمون (3 T) عبر جدار الخلية ليدخل إلى نواة الخلية الدماغية حيث يبدأ الهرمون بالعمل.
ما الهرمون الدرقي؟
يمكن اعتبار الهرمونات رسائل كيميائية تفرزها الغدد الصماء إلى مجرى الدم، وتسبب «الرسائل» تأثيرات بعيدة عن الغدة التي أنتجت الهرمون يشمل جهاز الغدد الصماء الغدة الدرقية والتي تعتبر ضرورية للنمو والتطور، وتنتج الهرمون الدرقي، وهو مسؤول عن معظم العمليات الأيضية والكيميائية في الجسم، ويُؤثر على كل خلية ونسيج وعضو في الجسم، ومن ثم توزع إلى كافة أنحاء الجسم من الدماغ إلى أطراف الأقدام. يتواجد الهرمون الدرقي في مجرى الدم بشكلين مختلفين في عدد الوحدات أو ذرات اليود المرتبطة بالهرمون، حيث إن اليود يعتبر جزءاً مهماً من تركيب الهرمون الدرقي:
- الثيروكسين (4 T) وهو الهرمون الأكثر في مجرى الدم.
- ثلاثي يودو الثيرونين الحر (13) (وهو الهرمون النشط في الجسم).
- تحول بعض الخلايا في الجسم هرمون الثيروكسين الحر (4 T) إلى النوع (3 T).
وظائف هرمون الغدة الدرقية
يمكن تشبيه هرمون الغدة الدرقية بالنسبة لخلايا الجسم بمولد الطاقة بالنسبة للسيارة، فكما دواسة الوقود تزيد من سرعة حركة السيارة. كذلك هذا الهرمون ينشط الخلايا ويزيد من سرعة أدائها للعمل والنشاط لتقوم بوظائفها الحيوية من زيادة النشاط الأيضي. ومن تحفيز انقسام الخلية لتشكيل خلايا جديدة، بالإضافة إلى وظائف حيوية أخرى عديدة، مثل عملية بناء البروتين والدهون والكربوهيدرات، ورفع معدل نبضات القلب، وزيادة سرعة التنفس، وكذلك تنشيط العضلات الهيكلية وزيادة حركة الجهاز الهضمي، ثم يغادر الهرمون المكان الذي نشطة ليتجول في الجسم ويحفز خلايا أخرى، وبالمقابل تتكاسل الخلايا عن القيام بوظيفتها إذا ما نقصت كمية الهرمون في الجسم، كما لو أنك نزعت قدمك عن دواسة الوقود في السيارة.
أما عند الأطفال فقد يتسبب قصور هذه الغدة عن إفراز الهرمون في تأثيرات دائمة وخطيرة خصوصاً على وظيفة الدماغ مما يؤدي إلى تأخر النمو والتطور لدى الطفل. كما وفي الأطفال الأكبر سناً واليافعين نلاحظ كسل الطفل وقلة تركيزه في دروسه بالإضافة إلى تباطؤ سرعة ضربات قلبه.
قصور الغدة الدرقية
يكثر قصور الغدة الدرقية بين الإناث عنه في الذكور البالغين، أما القصور الوليدي فلا يفرّق بين الذكر والأنثى ويحدث بالتساوي بينهما. وهناك أسباب متعددة لهذا القصور، أهمها نقص اليود في الطعام. ويحدث في بعض الحالات التي ينقص فيها اليود أن تعجز الغدة الدرقية عن إنتاج هذه الهرمونات بكمية كافية. مما يثير الغدة النخامية لتصدر الهرمون المنبه للدرقية (TSH) مما يؤدي إلى تنشيط الغدة لزيادة إنتاج (T4 و T3). لكنه في نفس الوقت يتسبب في زيادة حجم الغدة وقلة اليود هذه ليست السبب الوحيد لحدوث اختلال فيها، بل إن هناك العديد من أمراض الغدة الدرقية والتي تشمل مشكلات ذاتية المناعة، أو أورام الغدد .
ما أعراض قصور الغدة الدرقية
تختلف أعراض قصور (Hypothyroidism) في المراحل العمرية المختلفة للطفل. 1 – الأعراض في السنوات الأولى من العمر. 2 – الأعراض في الأطفال اليافعين.
الأعراض في السنوات الأولى
من العمر قد تغيب أعراض قصور الغدة عند المواليد الجدد ومع مرور الوقت تظهر عليه بعض الأعراض الدالة على قصور الغدة، تصبح هذه الأعراض واضحة وتعطي الطفل شكلاً مميزاً يسمى قدامة نقص التطور بسبب القصور الدرقي) (Cretinism)، ومن أهم هذه الأعراض
- طول مدة يرقان المولود الجديد حيث يتغير لون الجلد وبياض العينين إلى اللون الأصفر.
- الشهية الضعيفة للرضاعة والإمساك.
- خمول المولود.
- البقع الجلدية.
- النوم الزائد عن الطبيعي.
- البكاء.
- كبر حجم يافوخ المولود.
- الفتق السري (Umbilical Hernia).
الأعراض عند الأطفال الأكبر سناً، واليافعين
- القوام القصير بالنسبة للعمر وتأخر ظهور الأسنان اللبنية عند الطفل الرضيع.
- التأخر في المعالم التطويرية الرئيسية التطور الحركي العام، التطور الحركي الدقيق التطور اللغوي والتطور الاجتماعي).
- الانتفاخ في الوجه.
- تأخر النمو العقلي.
- البطن البارزة.
- فتق في السرة (نتو، ناعم حول السرة).
- جلد جاف وشعر متناثر
الأعراض في الأطفال الأكبر سناً
إذا أصيب الطفل في هذه المرحلة العمرية بقصور الغدة الدرقية، حيث يكون كل من النمو والتطور قد اكتملا، حينها قد تظهر على الطفل علامات تعكس خمول الأعضاء عن القيام بوظيفتها على الوجه الأكمل، أو أنها تقوم بها ولكن ببطء شديد نتيجة لغياب المنشط لها وهو هرمون الغدة الدرقية، مثل قصر القامة، والتأخر في ظهور علامات البلوغ، بالإضافة إلى نفس الأعراض التي تظهر على البالغين المصابين مثل:
- بط معدل نبضات القلب.
- التعب.
- عدم تحمل الطقس البارد.
- جلد مقشر جاف
- انتفاخ في الوجه، خصوصاً حول العينين.
- ضعف الذاكرة وصعوبة في التفكير وهما قد يظهران أثناء تعلم أشياء جديدة.
- اكتئاب عاطفي.
- خمول، حتى بعد النوم خلال الليل.
- فترات حيضية مضطربة لدى البنات في سن البلوغ.
- إمساك.
كيف نشخص قصور الغدة الدرقية؟
يمكن تشخيص قصور الغدة الدرقية منذ الولادة عن طريق فحص دم المولود الجديد، وقد تبنت بعض الدول مثل الولايات المتحدة وكندا، ومعظم دول العالم الغربي نظام إجراء اختبار تحري لكل المواليد الجدد ضمن الأسابيع الأربعة الأولى من العمر، ومعالجة المصابين فور التأكد من التشخيص وبالنسبة للأطفال الأكبر سناً فيستند التشخيص على اختبار مستوى الهرمون بأنواعه، ومستوى الهرمون المنبه للغدة الدرقية الصادر من الغدة النخامية، ويمكن استنتاج سبب القصور من دراسة القراءات معاً:
- إذا كان مستوى الهرمون المنبه للغدة الدرقية الصادر من الغدة النخامية (TSH) عالياً. فإن الشذوذ يكون ضمن الغدة الدرقية، فهي لا تستجيب إلى الهرمون بشكل صحيح.
- إذا كان مستوى هرمون (TSH) منخفضاً، فإن الشذوذ يكون ضمن الدماغ أو الغدة النخامية النخاميون لا يُصدرون (TSH) على الرغم من أن مستوى الهرمون الدرقي منخفض لدرجة كافية ليحفز الغدة النخامية.
اقرأ ايضا : الطفيليات : تعرف على الكائنات الطفيلية