تلعب بكتيريا او الفطريات ( الرايزوبيا والمايكورايزا ) دورًا حيويًا في تثبيت النتروجين الجوي، حيث تتواجد بشكل تكافلي مع المحاصيل البقولية وغير تكافلي مع المحاصيل الأخرى. تُحسن هذه البكتيريا حالة التغذية للنباتات من خلال اللقاحات الفطرية والبكتيرية. مما يزيد من كفاءة امتصاص الفسفور والعناصر الأخرى. يعتبر تثبيت النتروجين الجوي من أهم العمليات البيولوجية بعد التمثيل الضوئي، كما تساهم بكتيريا Rhizobium في تثبيت حوالي 80% من النتروجين سنويًا، مما يُعزز من إنتاجية المحاصيل البقولية.
فطريات المايكورايزا، التي تعيش في التربة، تعزز أيضًا من امتصاص المغذيات الكبرى، خصوصًا الفسفور، مما يحسن نمو النباتات. أظهرت الدراسات أن استخدام فطريات VAM كسماد حيوي يمكن أن يساعد في تحسين خصوبة التربة الفقيرة ويزيد من توفر العناصر الغذائية. تعتبر هذه الأساليب البيولوجية فعالة في الزراعة المستدامة، حيث تساهم في تقليل التكاليف وتحسين الإنتاج دون التسبب في تلوث بيئي.
تعد الباقلاء.Vicia faba L من المحاصيل الحقلية. وتعتبر احدى المحاصيل الشتائية التابعة للعائلة البقولية Fabaceae التي تحتوي على نسبة عالية من البروتين بحدود 25-30%، ومما زاد من أهمية هذا المحصول ارتفاع قيمته الغذائية اذ يعد مصدراً رخيصاً للبروتين مقارنة بالبروتين الحيواني، فضلاً عما تحتويه بذوره من كاربوهيدرات بنسبة عالية تصل إلى 56% مع وجود بعض العناصر المعدنية والفيتامينات. كما أن الباقلاء كغيرها من محاصيل البقول لها اهمية أخرى تتمثل بقدرتها على تحسين صفات التربة من خلال مساهمتها في تثبيت النيتروجين الجوي في التربة عن طريق العقد الجذرية بالتعايش مع بكتريا Rhizobium leguminosarum.
لقاح الرايزوبيا
بدأت محاولات التلقيح في العراق مع قدوري في عام 1964، وكانت النتائج إيجابية. تبع ذلك تجارب حقلية متعددة على محاصيل مثل العدس والباقلاء وفول الصويا، حيث أظهرت جميعها نجاح التلقيح بسلالات بكتيريا الرايزوبيا في زيادة غلة المحاصيل وتحسين محتوى النتروجين في التربة. أكدت دراسات مختلفة أن التلقيح بسلالات مناسبة مثل R. leguminosarum ضروري، وأن التلقيح البكتيري يمكن أن يزود النباتات بحوالي 80% من احتياجاتها من النتروجين.
أظهرت الأبحاث أن التلقيح يمكن أن يتفوق على إضافة السماد النتروجيني، حيث بلغت كمية النتروجين المثبتة من قبل نباتات العدس الملقحة 138 كغم لكل هكتار، مما يعكس فعالية هذه الطريقة. كما أشار الباحثون إلى أن التلقيح أدى إلى زيادة واضحة في عدد العقد الجذرية ووزنها. فضلاً عن تحسين كميات النتروجين المثبتة والمعدنية في التربة والنبات.
صفات بكتريا الرايزوبيا العامة
البكتيريا المعروفة باسم Rhizobia، علمياً Rhizobium، تنتمي إلى عائلة Rhizobiaceae. تصنف ضمن المجموعة سريعة النمو وتظهر المستعمرات على وسط مستخلص الخميرة خلال 24 ساعة. هذه البكتيريا سالبة لصبغة غرام، هوائية، وعصوية الشكل، تتراوح أبعادها بين 0.5 و2 مايكروميتر وهي متحركة بأسواط.
توجد بكتيريا الرايزوبيا في التربة إما بشكل حر أو متعايشة مع النباتات داخل العقد الجذرية. تحتوي على كروموسوم واحد وعدد من البلازميدات (2-12) تشكل 35-65% من تركيبها الجيني. وهي مسؤولة عن العقد وتثبيت النتروجين. تمتلك جينات مهمة لتخليق الأحماض الأمينية وبناء Lipopolysaccharides، مما يساعد في حماية البكتيريا.
غشاء بكتيريا الرايزوبيا يعتمد على الـ peptidoglycan. مما يجعلها أكثر مقاومة للسموم والمضادات الحيوية. تستخدم السكريات كمصدر كربوني والأمونيا كمصدر للنتروجين. وتحتاج إلى بعض الفيتامينات كعوامل نمو. درجة الحرارة المثلى لنموها حوالي 28 م، ومعدل pH 7 يعد مثالياً لبعض السلالات.
العلاقة بين النبات البقولي والرايزوبيا والمايكورايزا
تؤدي العلاقة التعايشية بين النباتات البقولية وبكتيريا الرايزوبيا إلى تكوين أعضاء جذرية تسمى العقد، حيث يتم اختزال النتروجين الجوي إلى أمونيا بواسطة البكتيريا، تلعب جينات وآليات معينة في كل من النبات وبكتيريا الرايزوبيا دورًا حيويًا في عملية تثبيت النتروجين.
تشير الدراسات إلى أن مادة Eukaryotes الموجودة في غشاء بعض أنواع البكتيريا من عائلة Rhizobiaceae قد تكون لها أهمية في تعزيز هذه العلاقة. كما تفرز جذور البقوليات مركبات Isoflavonoids، التي تؤثر سلبًا على ميكروبات التربة، ولكن تعمل كإشارات لتعريف بكتيريا الرايزوبيا. من بين هذه المركبات Daidzei وGenistein، التي تحفز جينات التعقد Nodgenes في البكتيريا.
تمكن هذه الخصوصية بكتيريا الرايزوبيا من تمييز مضيفاتها، حيث تقود جينات التعقد إلى إنتاج Nodfactors، وهي جزيئات يمكن أن تتحور كيميائيًا لتكوين Nodfactor نوعي لتمييز البقوليات المتخصصة.
استعملت فطريات المايكورايزا VAM وحظيت باهتمام واسع من قبل العالم لتحسين مقومات الانتاج الزراعي وتزداد يوماً بعد آخر. وقد أوضحت الدراسات ان ادخال فطريات الـ VAM وامكانية استعمالها كسماد حيوي قد يساعد في سد كمية لا يستهان بها من الاسمدة الى الترب قليلة الخصوبة مما يزيد من جاهزية العناصر الغذائية لاسيما الفسفور في الترب ذات المحتوى المنخفض او الاستفادة من مصادر الفسفور غير الجاهزة قبل تصنيعها بغية تقليل تكاليف الانتاج.
الاسمدة الحيوية الفطرية ( المايكورايزا )
أطلق الباحث Frank مصطلح mycorrhizae على العلاقة التعايشية بين جذور النباتات والفطريات، وهي كلمة تتكون من كلمتين تعنيان الفطر والجذور. لاحظ الباحثان Powell وBagyaraj تأثير فطريات Ectomycorrhizae على بادرات أشجار الصنوبر. حيث أظهرت التجارب أن البادرات الملقحة بنجاح في التربة الطبيعية نمت بشكل أفضل من تلك المزروعة في التربة المعقمة وغير الملقحة.
ازدادت أهمية دراسة هذه الفطريات في العقود الثلاثة الأخيرة، كما أظهرت الدراسات، مثل تلك التي أجراها Redecker وآخرون. وجود متحجرات نباتية تحتوي على أجزاء من فطريات المايكورايزا، يعود عمرها إلى 460 مليون سنة. كما أشار Remy وآخرون إلى وجود تراكيب شجرية للفطر داخل أنسجة نباتية متحجرة. مما يؤكد قدم هذه الفطريات على سطح الأرض لأكثر من 400 مليون سنة.
انواع فطريات المايكورايزا
وتقسم فطريات المايكورايزا الى ثلاثة أنواع رئيسية ( 1976) هي :
- المايكورايزا الخارجية Ectomycorrhiza وتكون غلاف فطري خارجي يطوق الجذر. والعائل النباتي لها اشجار الغابات مثلا اليوكالبتوس والبلوط والصنوبر .
- المايكورايزا الداخلية Endomycorrhiza أو الفطريات الحويصلية الشجيرية. وتتميز بعدم تكوينها غلاف فطري خارجي ولكنها تمتاز باختراقها لانسجة قشرة الجذر وتكون تراكيب تدعى الشجيرات Arbuscules. وتراكيب أخرى منتفخة تدعى الحويصلات Vesicles لذا تسمى المايكورايزا الحويصلية الشجيرية.
- المايكورايزا الخارجية الداخلية Ectoendomycorrhiza وتتميز بانها تحمل صفات مشتركة للمايكورايزا الداخلية والخارجية. فهي تكون غلاف فطري خارجي وتخترق أنسجة قشرة الجذر الداخلية.
تداخل الرايزوبيا مع فطريات المايكورايزا
توصل الباحثون Eaglesham وAnaba إلى أن استخدام لقاحات فطر المايكورايزا مع بكتيريا الرايزوبيا يعزز كفاءة الأخيرة. وأوضح Barea وAzcon-Aguilar أن فطر VAM يحفز تداخل بكتيريا الرايزوبيا مع النباتات. حيث يساهم في زيادة ظهور العقد الجذرية عند إدخال لقاح بكتيريا Bradyrhizobium على نبات فول الصويا.
كما أشار الباحثون Al-Falih وSiddiqui إلى التأثيرات الإيجابية للفطر على تعقد جذور النباتات البقولية، مما يزيد من حجم وإنتاج النبات وامتصاص الفسفور من التربة. وقد أظهرت دراسات سابقة، مثل دراسة Saxena، أن الفسفور عنصر أساسي في نجاح التعقد وتثبيت النتروجين.
تُظهر هذه الأبحاث أن التداخل بين فطر المايكورايزا وبيكتيريا الرايزوبيا يُعزز من تثبيت النتروجين وتوافر الفسفور للنباتات البقولية. مما يُعد دليلاً على فوائد هذه الميكروبات في تحسين التغذية النباتية.
تعليق واحد