Uncategorized

متلازمة داون: كتاب شامل عن متلازمة داون

تعد متلازمة داون عيباً وراثياً جينياً يحدث نتيجة خلل في انقسام الخلية مما يؤدي إلى زيادة النسخ الكلي، أو الجزئي في أحد الكروموسومات المادة الوراثية وهو الكروموسوم “21”. ويُعرف علميا بتثلث الكروموسوم” 21 (21 Trisomy). حيث يولد الطفل بمجموعة واضحة من الصفات الجسمانية أهمها: قصر القامة، والتأخر الذهني، وغيرها من الصفات والأعراض التي تجتمع معاً بطريقة غير عشوائية عند المصابين بهذه المتلازمة.

وتحدث الاصابة نتيجة وجود نسخة ثالثة إضافيةمن الكروموسوم “21” بسبب خلل في أثناء الانقسام الخلوي وخاصة انقسام البويضات. كما تتفاوت في شدتها بين المصابين بها، وتعد من أكثر اضطرابات الكروموسومات شيوعاً. كما أن الاكتشاف المبكر لهذه الاصابة والتدخلات العلاجية المبكرة يمكن أن يحسنا من نوعية حياة الأطفال والبالغين المصابين بتلك المتلازمة بدرجة كبيرة، ومن ثم تحفيزهم ومساعدتهم على عيش حياة طبيعية.

كتاب شامل عن متلازمة داون
 كتاب شامل عن متلازمة داون 

خلفية تاريخية عن متلازمة داون 

لمعرفة مختلف تفاصيل الاصابة من المهم أن نعرف الخلفية التاريخية لهذه المتلازمة. ولماذا سميت بهذا الاسم؟ ومن أول من شرح أعراضها؟ وكيف تم اكتشاف الخلل الوراثي لها. ومتى حدث ذلك؟.

بداية سميت متلازمة داون بهذا الاسم نسبة لأول شخص شرح أعراضها. وهو الدكتور جون داون (Dr. John Down) في عام 1862م. ثم وصفها مرة أخرى في عام 1866م بشيء من التفصيل عندما نشر تقريره الشهير عنها. وقد أطلق عليها في البداية اسم المتلازمة المنغولية (Mangloid Syndrome) لملاحظته الصفات والأعراض المشتركة بين المصابين والأشخاص من العرق المنغولي. ومن المثير هنا أن الدكتور داون شرح المتلازمة بوجود ملامح منغولية للطفل بغض النظر عن عرقية الأبوين حتى وإن كانا أوروبيين. أو من الأفارقة، فطفل المتلازمة يحمل ملامح منغولية مميزة، ومتشابهة فيما بينه وبين أقرانه المصابين بهذه المتلازمة.

ولكن لم يتم معرفة الخلل الكروموسومي في متلازمة داون حتى تم تطوير تقنية الفحص الكروموسومي في خمسينيات القرن الماضي. ومع تقنية الفحص الكروموسومي أصبح من الممكن معرفة التغييرات التي تحدث في عدد الكروموسومات، أو في شكلها. وهذا ما مكن العالم الفرنسي البروفيسور جيروم ليجين (Jerome Lejeune) عام 1959م من معرفة أن متلازمة داون تنتج عن وجود كروموسوم إضافي وعرف بعد ذلك أن الكروموسوم الإضافي هو كروموسوم 21. حيث سمي المرض بتثلث كروموسوم 21 أي : يُولد الطفل بخلل في الكروموسومات وعددها .

وفي عام 1961م قررت مجموعة من علماء الوراثة بمؤتمر دولي تغيير مسمى متلازمة الطفل المنغولي إلى متلازمة داون. ومنعت منظمة الصحة العالمية (WHO) استخدام المصطلح رسمياً عام 1965م بعد طلب قدمه مندوب عن المنغوليين واليابانيين والصينيين.

 الأسباب الوراثية بمرض متلازمة داون 

متلازمة داون هي حالة وراثية. تحدث نتيجة خلل في انقسام الخلايا، مما يؤدي إلى وجود نسخة إضافية في الكروموسوم “21” خلال الانقسام الميوزي). فيصبح عدد الكروموسومات في خلايا الطفل المصاب بمتلازمة داون “47” كروموسوما بدلا من “46” كروموسوما.

أنواع متلازمة داون

  • متلازمة داون بتثلث الكروموسوم “21”، ويشكل هذا النوع نحو 95 % من الحالات. حيث يكون لدى الطفل ثلاثة كروموسومات “21” بدلا من كروموسومين.
  • متلازمة داون بالتبادل الكروموسومي. يحدث هذا النوع عندما يصبح الكروموسوم ” 21″ متصلا، أو ملتصقا بكروموسوم آخر قبل الحمل أو خلاله. وتكون لدى الأطفال النسختان المعتادتان من الكروموسوم “21”. إضافة إلى مادة وراثية إضافية من الكروموسوم “21” متصلة بكروموسوم آخر (13 أو “14” و “15”) أو (“21” و “22”) ويشكل هذا النوع من الحالات.
  • متلازمة داون الفسيفسائية، هذا النوع نادر الحدوث. ويكون لدى الطفل نسخة إضافية من الكروموسوم “21” في بعض خلاياه، وبعضها الآخر يعد طبيعيا بالنسبة لعدد الكروموسومات، وفي هذا النوع يحدث انقسام غير طبيعي للخلايا بعد الإخصاب، ويشكل هذا النوع 1% من الحالات.

متلازمة داون هي اضطراب أو خلل وراثي لا يمكن منعه، ولكن يمكن اكتشافه قبل الولادة.

إجراءات الوقاية من متلازمة داون قبل الحمل

إذا كان الخلل يعود للتثلث الكروموسومي أو الفسيفسائي، فقد تكون نسبة التكرار قليلة. إذا كان الخلل يعود للتبادل الكروموسومي بين الكروموسوم “21” والكروموسوم “14” فيجب الفحص الوراثي للأبوين. وتحديد أيهما حامل لهذا الخلل، مع اتخاذ إجراءات الوقاية في الحمل القادم. يجب إجراء اختبارات التحري حتى وإن كانت غير قاطعة. هناك فحوص تشخيصية قبل الولادة لتشخيص الإصابة بمتلازمة داون، منها: أخذ عينة من المشيمة. وتكون خلال الأسبوع (10-12) من الحمل. – فحص السائل الأمنيوسي، ويكون خلال الأسبوع (15-18) من الحمل.

أعراض الاصابة ومضاعفاتها في مرحلة الطفولة

تظهر لدى المصابين أعراض واضحة للعيان منذ الولادة، وهي:

  • صغر محيط الرأس (Microcephaly). تغير في ملامح الوجه (Facial dysmorphism) عبارة عن تسطح الجزء الخلفي للجمجمة (Brachycephaly)، وصغر الأذنين (Microtia)، والجفون المرفوعة لأعلى شقوق جفنية (Upward slanting palpebral fissures)، والوجه (Protruded tongue) واللسان البارز ،(Midfacial hypoplasia) المسطح وكذلك الرقبة القصيرة (Short neck).
  • رخاوة عضلات الجسم (Hypotonia).
  • نقص النمو (Growth retardation) هناك نقص بالوزن، وقصر بالطول. (Single palmar crease)

وجود تجعيد واحد بالكفين يشتبه في الإصابة عند ظهور الأعراض المذكورة أعلاه. ويتم التأكد من ذلك الاشتباه عن طريق فحص الكروموسومات كما تم ذكره سابقاً.

وبعد التأكد من تشخيص الطفل المصاب عادة تكون هناك جلستان إرشاديتان واحدة للإرشاد الوراثي، وأخرى للتعريف بمختلف المضاعفات المعروفة المتلازمة داون، وهي عبارة عن قصور الغدة الدرقية، وتشوهات خلقية بالقلب، والجهاز الهضمي، والعمود الفقري، وقصر القامة، والسمنة، والتهابات الأذن، ومشكلات في حاستي السمع والبصر، والإصابة بالأمراض السرطانية.

الأورام عند الأطفال المصابين

تعد سرطانات الدم أكثر شيوعاً بـ (5-10) أضعاف بشكل عام كما هو الحال مع أقرانهم في سن مماثلة خاصة ابيضاض الدم اللمفاوي الحاد ،(Acute lymphoblastic leukemia; ALL) وابيضاض الدم (أرومة النواء الحاد) (Acute megakaryoblastic leukemia; AMKL). ويحدث سرطان الدم اللمفاوي الحاد عند الأطفال المصابين بالمرض عادة بعمر تسع سنوات. ويتم الاشتباه به عندما يكون تعداد كريات الدم البيض 50000 لكل ميكرولتر من الدم لذلك يعد الفحص الدوري لتعداد الدم الشامل (Complete blood count; CBC) أمرا أساسيا لهم.

وبالنسبة لابيضاض الدم أرومة النواء الحاد (Acute megakaryoblastic leukemia AMKL ) فيسبق ظهور هذا النوع من السرطان مرض تكاثر نخاع الدم العابر (Transient myeloproliferative disease TMD) حيث نجد أن 10 % من الذين يعانون مرض تكاثر نخاع الدم العابر من أطفال متلازمة داون يتطور المرض عندهم إلى سرطان ابيضاض الدم الحاد، ومرة أخرى يُعد الفحص الدوري لتعداد الدم الشامل لأطفال متلازمة داون أمراً أساسياً .

العلاج ودعم المصابين

توفير الدعاية والدعم إن تربية طفل مصاب بالمرض هو بحد ذاته تحد صعب، لكن مع التطور الهائل في الطب، أصبح هناك فهم عميق لمختلف جوانب هذه المتلازمة. ومن ثم تكون هناك عادة نتائج جيدة من الأطفال المصابين عند الاهتمام بهم. ويجب على الأهل أن يعطوا لأنفسهم بعض الوقت للراحة، وإن احتاجوا مساعدة فعليهم ألا يترددوا في طلبها .

إن تبادل الأحاديث والتجارب مع أسر أخرى لديهم طفل مصاب بهذا المرض من شأنه أن يشكل عاملاً مساعداً في العلاج لذلك يمكن الاستفسار من الطبيب، أو من مؤسسة صحية عن مجموعات الدعم لأهالي الأطفال الذين يعانون هذه المتلازمة.

 الخاتمة

متلازمة داون هي حالة تستدعي الفهم والدعم. من خلال التعليم والتوعية، يمكن تحسين نوعية حياة الأفراد المصابين بهذه المتلازمة، مما يمكنهم من تحقيق إمكاناتهم الكاملة والاندماج في المجتمع.

 

م.م. مرتضى شعيت

مرتضى حليم شعيت الصالحي، باحث وأكاديمي عراقي متخصص في العلوم الزراعية وعلوم الحياة. حاصل على شهادة البكالوريوس في العلوم الزراعية (2018) والماجستير في فيزياء التربة (2023). أعمل كمدرس مساعد في قسم علوم الحياة والبيئة، وأشغل منصب مسؤول شعبة الإحصاء في جامعة البصرة. خبير في تحسين الترب الزراعية، الزراعة المائية، وصناعة الأسمدة العضوية. أسعى من خلال عملي إلى دعم البحث العلمي وتطوير حلول مستدامة في القطاع الزراعي، بما يخدم الأكاديميين والمجتمع الزراعي على حد سواء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى