كتب

التلوث : كتاب عن تلوث الاراضي الزراعية وتلوث مياه الري كيميائيا وبيلوجيا

 لقد بدأت نظرة العالم إلى أهمية البيئة ومكوناتها المختلفة بطريقة جدية منذ حوالي خمسين عاما، إلى أن عقد المؤتمر العالمي للأرض وبيئتها، وكان ذلك في مطلع العقد السابع من القرن الماضي (العشرين). حينئذ دق ناقوس الخطر بسبب التلوث لجميع دول العالم بضرورة أن تحظى شئون البيئة بالإهتمام الأكبر حفاظا على الموارد الطبيعية والمحيط الحيوي (Biosphere) من الاستنزاف والتدهور والملوثات. 

كتاب عن تلوث الاراضي الزراعية وتلوث مياه الري
تلوث الاراضي الزراعية وتلوث مياه الري كيميائيا وبيلوجيا

وهذه التحذيرات مرجعها إضطراد تزايد أعداد البشر والتوسع العمراني الغير مقنن وسوء استخدام الموارد الطبيعية.. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى عدم مراعاة الأبعاد البيئية في الأنشطة الصناعية والزراعية فيما يخص طرق التخلص من المخلفات والانبعاثات الغازية. وهذا يؤدي حتما إلى الإضرار الجسيم بالبيئة وكائناتها الحية وذلك من خلال التلوث بصورة المتباينة وفي مختلف أركان الكرة الأرضية في الهواء والماء والأرض.

انواع الملوثات

  1. الكيميائي 
  2. البيولوجي
  3. الحراري 
  4. السمعي 
  5. الإشعاعي

التلوث الكيميائي للأراضي الزراعية 

يعرف التلوث الكيمائي للأراضي الزراعية بأنه وصول ملوثات إليها من خلال الهواء أو الماء أو من مصادر أخرى كالمبيدات والأسمدة، والتي تؤدي إلى تدهور إنتاجية الأرض بسبب إلحاقها الضرر بالنباتات والميكروبات المفيدة. وبما أن الأرض هي جزء أساسي من البيئة، فهي تتلقى ملوثات آتية من كل أنواع النشاط البشري. وتعتبر الأرض ملوثة إذا ما تجاوزت كمية المعدن أو العنصر المعين الحدود العليا للتركيز المسموح به.

وتعتبر مصادر الصرف الصناعي والصحي والزراعي الملوثات الرئيسية للمياه السطحية النهرية والجوفية، كما يساهم في تلوث المياه كل من صرف المناجم وغبار المصانع والمطر الحامضي. وبالنسبة لمياه الشرب فقد أخضعها الإنسان المعاملات التنقية والتعقيم. أما مياه الري عادة ما تستخدم على حالتها الواقعية.

ولكن على الإنسان أن يدرك تماماً أن مياه الري الملوثة سوف تنعكس حاليا أو بعد حين على صحته وإقتصاده، بل وعلى البيئة التي يعيش فيها عامة. فتلوث مياه الري سينتقل حتماً إلى النبات ومنه إلى الحيوان ومنهما معا إلى البشر. كما أن تلوث مياه الري يلعب دوراً متبادلاً من خلال البخر والتساقط مع تلوث الهواء الذي تستنشقه الكائنات الحية.

التلوث الكيميائي في نمو النبات

تصل الملوثات الكيماوية إلى النباتات من الأرض والماء والهواء. فالنباتات تمتص العناصر الثقيلة في صورتها الذائبة وهي عادة بنسبة محدودة من المحتوى الكلي من الأرض ومياه الري وكذلك من الصورة المدمصة على سطوح الطين أو المرتبطة ببعض عوالق المياه. كما تصل تلك العناصر إلى النباتات من الهواء بالترسيب من غبار المصانع أو بالتساقط مع ماء المطر على أوراق النباتات.

التلوث الكيميائي وثاثيره على صحة الإنسان

يتعرض الإنسان في حياته للتلوث الكيماوي في صورة معادن ثقيلة أو مركبات غير عضوية وعضوية ضارة من مصادر متباينة.. من الهواء الذي يستنشقه والماء الذي يشربه والطعام الذي يأكله، هذا بجانب ما يمكن أن يتعرض له من إشعاعات ضارة. وهذا كله أو بعضه يمكن أن يسبب له مشاكل صحية وأمراض عضوية مختلفة.

ضوابط الوقاية من الملوثات الكيميائية :

  • التحكم في الملوث الصناعي بإستخدام الفلاتر للأدخنة والغازات والغبار، والمرشحات والمرسبات للعوادم السائلة. وكذلك إبعاد الأنشطة الصناعية عن المجاري المائية والزراعات والمناطق السكنية، وبأن تنشأ توسعاتها عكس أتجاه الرياح.
  •  وضع قيود صارمة لكل من الصرف الصناعي والزراعي والصحي إلى المجاري المائية.
  • مقاومة النباتات المائية والطحالب بكفاءة وانتظام، وتفضل الطرق الميكانيكية لجمعها، حيث يمكن حينئذ إستخدامها لتحضير السماد البلدي الاصطناعي.”Compost” 
  •  العمل على كفاءة عمل المصارف الزراعية ومتابعة تنظيفها وانتظام سريان الماء إليها وفيها.
  •  وضع معايير محددة لإستخدام مياه الصرف في الري سواء المباشر أو بالخلط مع ماء النهر.
  • الإلتزام بقياسات مياه الصرف الصحي المعالجة لاستخدامها في الري تبعاً لما.
  • تشجيع وتوفير وسائل تطبيق الزراعية العضوية” Organic Farming” خاصة في الأراضي الجديدة.
  • ترشيد استخدام مبيدات الآفات واللجوء إلى استخدام نباتية المصدر منها (البيروثرويدية).

التلوث البيولوجي

إنتشار الميكروبات الممرضة للإنسان والحيوان والنبات، وكذلك تلك التي ينتج عن نشاطها مركبات بيوكيماوية ضارة في البيئة (مثل المضادات الحيوية ومركبات فينولية وغازات معينة وغيرها). كما يتضمن التلوث البيولوجي بيض الديدان المتطفلة بلهارسيا، إنكلستوما، إسكارس) وكذلك حاملي أو ناقلي الأمراض (Disease Vectors) من حشرات وحيوانات وغيرها.

هذا بالإضافة إلى بعض النباتات التي من شأنها الإضرار ببعض صور الحياة كياسنت الماء والطحالب في إستهلاكها للأكسوجين اللازم للأسماك، أو تلك النباتات المتطفلة والحشائش التي تؤثر سلبيًا على إنتاج النباتات الإقتصادية. وأهم مصادر التلوث البيولوجي هي مياه الري والصرف الصحي والقمامة، بل والهواء كذلك.

التلوث الحراري

فيقصد به ارتفاع درجة حرارة الجو، وهذا مرجعه أساسا إلى إرتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون في الهواء. فلما كانت نسبة هذا الغاز في الهواء هي ٠,٠% إلا أن أي زيادة فيها ستكون على حساب نسبة الأكسوجين. وبرغم ضئالة تلك النسبة لغاز ثاني أكسيد الكربون والتي على أساسها تجري عملية التمثيل الضوئي في النباتات (Photosynthesis) والتي يعقبها ضخ الأكسوجين إلى الجو.. إلا أن أي زيادة في نسبة ثاني أكسيد الكربون في الجو لن تكون لصالح النبات ولا باقي الكائنات الحية الأخرى.

فهذا الغاز هو حافظ للحرارة مسببًا ما يسمى الإحتباس الحراري (Thermal Retention)، وبالتالي فإن زيادته تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الجو وما يترتب عليه من تغيرات بيئية بيولوجية. هذا علاوة على زيادة معدل ذوبان جليد القطبين الشمالي والجنوبي مما يؤدي إلى ارتفاع منسوب البحار على حساب اليابسة. كما يشترك بخار الماء وغازي الميثان بزيادته والأوزون بقلته في ارتفاع درجة حرارة الجو ولكن بدرجة محدودة نوعا ما.

وبالطبع فإن تلك التغيرات المناخية ستؤثر حتما على جميع أوجه الحياة والنشاط البشري على سطح الأرض. ويعتبر التوسع الصناعي المضطرد ونواتج إحتراق البترول وأجهزة التبريد والآلات الحرارية والتفجيرات المختلفة. هذا بجانب ما ينتج من حرارة من البراكين والحرائق وبعض المصانع ومحطات الكهرباء.. هي أهم مصادر التلوث الحراري.

مظاهر التلوث الإشعاعي

فهي حالات الإنبعاثات الذرية وأشعتها الجسيمية من بعض المحطات النووية خاصة المتهالكة منها، وأيضاً التفجيرات والتجارب الذرية. وكذلك الأشعة الكهرومغناطيسية مثل الأشعة فوق البنفسجية وتحت الحمراء، فالأولى يزداد وصولها للأرض مع إتساع ثقب الأوزون والثانية تزداد مع ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون في الجو.

التلوث السمعي

تمثل الأصوات العالية ونشازها وإزعاجها وضوضاء مكبرات الصوت وأجهزة الإرسال وأبواق وسائل المواصلات وهو ما يرتبط بالقدرة السمعية للإنسان ومدى إستقباله لهذه الضجة. أما التلوث البصري (Visual Pollution) فهو ما تقع عليه العين من مناظر منفره (Eyesore) مثل مظاهر عدم التناسق في المباني والمنشآت والعشوائية في المساكن والألوان الشاذة أو عدم الطلاء، وعدم انتظام حركة سير المشاه والسيارات على الطرق، والتصرفات غير السوية للبشر والإهمال في العمل، هذا بجانب تراكم القمامة في الشوارع وكلا هذين النوعين من التلوث يسيئان إلى المظهرين الحضاري والثقافي للمجتمع. وينعكس ذلك سلبا على النشاط السياحي، وبالتالي على الدخل القومي للدولة.

وهناك حالات أخرى للتلوث كالتلوث البترولي الناتج عن مواقع إستخراج البترول ومحطات فصل مكوناته وتوزيعها، ومخلفات السفن. وكذلك تلوث النفايات الإلكترونية من مصانع الأجهزة الكهربائية والإلكترونية.

م.م. مرتضى شعيت

مرتضى حليم شعيت الصالحي، باحث وأكاديمي عراقي متخصص في العلوم الزراعية وعلوم الحياة. حاصل على شهادة البكالوريوس في العلوم الزراعية (2018) والماجستير في فيزياء التربة (2023). أعمل كمدرس مساعد في قسم علوم الحياة والبيئة، وأشغل منصب مسؤول شعبة الإحصاء في جامعة البصرة. خبير في تحسين الترب الزراعية، الزراعة المائية، وصناعة الأسمدة العضوية. أسعى من خلال عملي إلى دعم البحث العلمي وتطوير حلول مستدامة في القطاع الزراعي، بما يخدم الأكاديميين والمجتمع الزراعي على حد سواء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى