رسائل واطاريح

الاستصلاح الحيوي للترب الملوثة بالهيدروكاربونات النفطية والمتأثرة بالملوحة

 الاستصلاح الحيوي للترب الملوثة بالهيدروكاربونات النفطية والمتأثرة بالملوحة 

        تُـعرَف البيئة على أنها ذلك المحيط الحيوي الذي يشمل جميع الكائنات الحية من أنسان وحيوان ونبات وكل مايحيط به من مكونات ( هواء وماء وتربة ) بالأضافة الى جميع المنشات المتحركة والثابتة التي يقيمها الانسان على الأرض. وان أي تغيير مفاجئ أو غير مفاجئ في صفات البيئة الفيزيائية والكيميائية او الحيوية ومكوناتها ينتج عنه أضراراً صحية وأقتصادية للأنسان أو للمواد الأولية بصورة مباشرة أو غير مباشرة هو ما يطلق عليه بالتلوث البيئي. تتعرض البيئة لأنواع مختلفة من الملوثات تبعاً لأختلاف مصادرها كالملوثات الكيميائية والملوثات الحيوية والملوثات الطبيعية وغيرها. ورغم كون مشكلة التلوث هي مشكلة عالمية الا ان شدتها وتأثيراتها تبدو اكثر وضوحاً في الدول التي تفتقر الى نظم التقييم العلمي لحالات التلوث وجدية العمل لإيجاد الحلول الناجعة لمعالجة هذه المشكلة المتفاقمة.

الاستصلاح الحيوي للترب الملوثة بالهيدروكاربونات النفطية والمتأثرة بالملوحة 


           تتعرض البيئة العراقية الى انواعاً مختلفة من الملوثات كمخلفات الحروب والمخلفات الناتجة عن المصانع والملوثات الزراعية وغيرها ، فضلاً عن تلوث مصادر الماء والهواء والاراضي الزراعية بمخلفات البلديات والنفايات المنزلية والصناعية وسوء شبكات الصرف الصحي ، وهي من العوامل التي شكلت أهم مصادر التلوث البيئي في المنطقة الجنوبية. وتعتبر البيئة العراقية واحدة من تلك البيئات التي تتعرض للتلوث الهيدروكاربوني من مصادر مختلفة كمحطات توليد الطاقة الكهربائية التي تعمل بالنفط الاسود ومصافي النفط وغيرها . إن تلوث التربة كأحد مكونات البيئة الاساسية بالهيدروكاربونات ينتج عنه تغير في العديد من صفات التربة الفيزيائية والكيميائية والحيوية والتي قد تنعكس بشكل تأثيرات سلبية على مختلف النشاطات ومنها الانتاج الزراعي من الناحية الكمية والنوعية (Isinguzo and Bello, 2005) . 

التلوث الهيدروكاربوني 

             يعد النفط الخام ومشتقاته من اهم المواد العضوية المستخدمة في مجالات الصناعة وفي اغلب بلدان العالم وخاصة الدول النفطية والصناعية ، وقد برز التلوث بالنفط في نهايات القرن العشرين وبصورة واضحة وذلك بسبب التطور الحاصل في مجالات التصنيع ونقل وتوزيع النفط الخام ومنتجاته ، اذ ان كميات كبيرة وهائلة من النفط الخام ومشتقاته ومخلفات العمليات الصناعية تصل الى المحيط الحيوي نتيجة تلوث التربة والمياه بالهيدروكاربونات النفطية وذلك من خلال تسرب النفط من مواقع الحفر والتنقيب ومواقع خزنه وعن عمليات الصرف غير المشروع لمخلفات المصافي والمصانع والفضلات النفطية المنزلية والزراعية والصناعية فضلاً عن الحوادث العرضية وانسكاب النفط ومنتجاته ، ويبلغ ما يصل من الملوثات النفطية الى البيئة حوالي 8-2 مليون طن سنوياً في مختلف انحاء العالم (نصر، 2000) .

طرق معالجة الترب الملوثة بالهيدروكاربونات النفطية

  لا
تعد الهيدروكاربونات النفطية مواد ملوثة خطرة بحد ذاتها عدا القليل منها التي تسمى  بالهيدروكاربونات الاروماتية ، ولكن تظهر
خطورتها عندما تتفاعل مع ملوثات اخرى وبوجود ضوء الشمس والاوكسجين ومواد اخرى في
الجو . ان التفاعلات التي تحدث في الجو تؤدي الى تكوين ما يعرف بالمؤكسدات
الكيميائية ــ الضوئية (
photo chemical
oxidations
) . ان هذه
المركبات عديدة ومعقدة ولازال معضمها لم يفهم لحد الآن .

   لقد كانت عملية التحكم بالملوثات
الهيدروكاربونية النفطية ومراقبتها من اكثر الامور البيئية اهمية في جدول اعمال
المنظمات المعنية بالبيئة خلال السنوات الاخيرة ، وتعني عملية مراقبة الملوثات
الهيدروكاربونية النفطية معرفة مكان وما يحصل لها في جميع الاوقات ومن ثم تطبيق
مبدء التخلص تمهيداً لوصول هذه الملوثات الى المكان المناسب لمعالجتها او التخلص
منها (
Atlas  and 
Cerniglia , 2000
) .

تاثير الظروف البيئية على النشاط الحيوي وسرعة تحلل الهيدروكاربونات النفطية 

      ان بقاء او تحلل المركبات الهيدروكاربونية النفطية في البيئة الملوثة بها يعتمد اساساً على نوعية التلوث بالهيدروكاربونات وكميته وعلى صفات النظام البيئي المؤثر ، وتبقى المركبات الهيدروكاربونية في البيئة لوقت غير محدود أو قد تتكسر تماماً تحت الظروف البيئية التي تساعد على عملية التكسير بفعل الأحياء المجهرية  (Erikkson et al.1999) . وأن المعالجة الحيوية للبترول تعتمد بشكل رئيس وكبير على ظروف البيئة وعلى البناء الكيميائي للمركبات الملوثة . (Swannell et al.1996; Aldrett et al.1997) ، كما أن المعالجة الحيوية تعمل بشكل أفضل على المواد الخاضعة الطبيعية الحاوية على الكاربون التي تدعى الهيدروكاربونات ومن المؤكد على سبيل المثال فأن البكتريا المحطمة للكازولين موجودة في معظم الترب او جميعها .



تاثير الزراعة في كفاءة الاستصلاح الحيوي للترب الملوثة بالهيدروكاربونات النفطية 

            ان تلوث الترب بواسطة هيدروكاربونات النفط الخام تسبب تغيرات رئيسة في الخصائص الفيزيائية والكيميائية للترب ما يؤثر سلباً على نمو النباتات . وان بعض عوامل التربة مثل ماء التربة وهواء التربة ومحتوى الحديد والمغنيسيوم والنتروجين الكلي والنتريت والفسفور الجاهز والكبريت ، تؤثر في كفاءة النباتات في التحطيم فضلاً عن كمية التحطيم التي تحدث والوقت الذي تتطلبه للاستصلاح يعتمد على حجم المساحة المتوفرة ودرجة التشبع بالنفط (Isinguzo and Bello,2005) . كذلك يؤثر التلوث بالنفط ومشتقاته على عملية انبات البذور وقد لوحظ ان الدهون المعدنية تؤخر الانبات اكثر من النفوط عالية اللزوجة ومن المحتمل ان يحدث ذلك نتيجة لتوزعه الاكثر وسهولة اختراقه الى داخل البذور ، كما ان التاثير السلبي لتاخير الانبات قد يُعزى الى تاثير التلوث على رطوبة التربة ومواصفاتها الكيميائية والاوكسجين المتاح (الحيدري والمصلح ، 1989). ويظهر ان لطبيعة النفط وتركيزه علاقة بتاخر انبات البذور .


م.م. مرتضى شعيت

مرتضى حليم شعيت الصالحي، باحث وأكاديمي عراقي متخصص في العلوم الزراعية وعلوم الحياة. حاصل على شهادة البكالوريوس في العلوم الزراعية (2018) والماجستير في فيزياء التربة (2023). أعمل كمدرس مساعد في قسم علوم الحياة والبيئة، وأشغل منصب مسؤول شعبة الإحصاء في جامعة البصرة. خبير في تحسين الترب الزراعية، الزراعة المائية، وصناعة الأسمدة العضوية. أسعى من خلال عملي إلى دعم البحث العلمي وتطوير حلول مستدامة في القطاع الزراعي، بما يخدم الأكاديميين والمجتمع الزراعي على حد سواء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى