رسائل واطاريح

دراسة السلوك الفيزيوكيميائي للعناصر المعدنية الملوثة لمياه ورواسب شط العرب

 دراسة السلوك الفيزيوكيميائي للعناصر المعدنية الملوثة لمياه ورواسب  شط العرب 

تُعَد المياه المصدر الطبيعي الأساسي لحياة الكائنات الحية المختلفة . فقد زادت في الآونة الأخيرة الحاجة والأهتمام بمصادر المياه في القطر والمتمثلة بمياه نهري دجلة والفرات وشط العرب الذي يتكون من التقاء هذين النهرين والذي يعد المصدر الرئيس الذي تعتمد عليه محافظة البصرة في تجهيز المياه وأستخدامها للأغراض الزراعية والصناعية والبشرية المختلفة . 

يتعرض شط العرب إلى حالات من التلوث في بعض الفترات بسبب ما يطرح فيه من ملوثات عضوية وغير عضوية من مصادر مختلفة كالمخلفات البشرية أو الفضلات الصناعية المتمثلة بمياه الصرف الصحي أو فضلات المعامل كمعمل الورق ومحطات توليد الطاقة الكهربائية وبعض المؤسسات الصحية كالمستشفيات بالإضافة إلى مياه المبازل ومخلفات المطاعم والفنادق ( DouAbul et al., 1987 ; عاتي , 2004 ). 

دراسة السلوك الفيزيوكيميائي للعناصر المعدنية الملوثة لمياه ورواسب  شط العرب 


تُعَد هذه الفضلات بمصادرها المختلفة مصدراً للمواد الملوثة المائية  ( Szymanowaska et al., 1999 ) . وذلك لأحتواء هذه الفضلات على العديد من المواد الكيميائية العضوية وغير العضوية والتي تشمل العناصر المعدنية الثقيلة بصورة ذائبة أو عالقة في المياه وتختلف هذه المواد الملوثة باختلاف طبيعة ونوع الفضلات أو المخلفات فضلاً عن أن هذه المياه تحتوي على أنواع عديدة من الأحياء المجهرية كالبكتيريا والطفيليات التي لها القدرة على أحداث العديد من الأمراض المهلكة للإنسان   ( Wada , 1993 ; AL-Saad et al., 1979 ). 

     أن زيادة محتوى مياه شط العرب وروافده من العناصر الثقيلة المتأتية من مصادر التلوث المختلفة يؤدي إلى تلوث هذه المياه الأمر الذي يؤدي إلى رداءة نوعيتها وبالتالي عدم صلاحيتها للاستهلاك البشري أو الري ( AL-Muddafer et al., 1992 ; عاتي ، 2004 ; حسن ، 2007 ) . كما تعكس تراكيز العناصر الثقيلة في الرواسب درجة التلوث في البيئة المائية ( الحديثي ، 2001 ; AL-Manssory et al., 2004 ) .    

الخصائص الكيميائية والفيزيائية لمياه شط العرب وروافده 

     تُعَد الخصائص الكيميائية والبايولوجية
والفيزيائية من أهم الصفات المحددة لاستخدامات المياه لأغراض الشرب أو للأغراض
الزراعية أو الصناعية وغيرها . وتتعرض مياه شط العرب إلى العديد من الملوثات
الناتجة من الأنشطة البشرية والمتمثلة في طرح المخلفات المنزلية والزراعية
والصناعية والتي تؤثر سلباً على نوعية المياه . ومن أولى الدراسات التي أنجزت على
مياه شط العرب واهتمت بدراسة خصائصهِ الكيميائية والفيزيائية هي دراسة
Mohammed (1965 a,b ) تلتها
دراسات عديدة أخرى منها  
AL-Saadi and Arndt (1973)  وAL-Saadi et al., (1975)  وSaad (1978)   وMaulood et
al.
,(1979)
و Sarker
et al.
,(1980)
والأسدي (1983)
والحلو والعبيدي
(1997)
وغليم
(1997)
والمالكي
(2002)
وعاتي
(2004) وموسى (2006) .

المواصفات النوعية لمياه الري ونظم تصنيفها

     تختلف مياه
الري من حيث محتواها الملحي وتركيبها الأيوني بصورة كبيرة وينتج عن ذلك تباين في
نوعيتها ، حيث تعتمد على نوع وكمية الأملاح الذائبة فيها والناتجة من إذابة أو
تجوية الصخور مثل إذابة الجبس والكلس والمعادن ذات الذائبية المتوسطة والتي تنتقل
بدورها مع مياه الري (
Paliwal, 1972 ; Ayers and Westcot , 1985 ). وبسبب
هذا الاختلاف وبهدف زيادة كفاءة استخدام مياه الري للأغراض الزراعية اتجهت العديد
من الدراسات نحو تحديد المواصفات النوعية لمياه الري ومدى صلاحيتها للإنتاج
الزراعي وما له من تأثير مباشر في كمية ونوعية الإنتاج الزراعي فضلاً عن دوره
التأثيري في خصائص الترب الكيميائية والفيزيائية ومن ثم في قدرتها الإنتاجية .

     أن أول من
أشار إلى أهمية نوعية مياه الري على أساس التركيب الكيميائي والتركيز الكلي
للأملاح الذائبة
Total Soluble Salts هو العالم Hilgard
(1906)
وتلاه الكثير من الباحثين في
هذا المجال
Kelley and Brown (1928) و Richards (1954)  و   Ayers and Westcot (1985) و Follet and Soltanpour (2001) . وأن الأسس
التي اعتمدت لغرض تقييم مياه الري تعتمد على المخاطر التي تسببها تلك المياه
للتربة ونمو المحاصيل والحيوانات وكذلك الإنسان الذي يستهلك تلك المحاصيل . 

 تجزئة
وتوزيع صور العناصر الثقيلة ضمن غرويات الرواسب 
Fractionation and Distribution of Heavy Metals within Sediments Colloids

تتواجد العناصر الثقيلة في البيئات المائية أما في حالة
ذائبة أو في الحمولة العالقة أو في الرسوبيات القاعية أو ضمن التركيب البلوري
للمعادن المكونة للرسوبيات النهرية ألا أن قياس تراكيزها في الماء ولمدة طويلة لا
يعطي مؤشرات دقيقة للتلوث بسبب تباين تصاريف المياه وعدم استقرارية مصادر التلوث ،
لذلك يجرى التركيز على الرسوبيات حيث أن جزيئات الرسوبيات التي حجمها أقل من (
2 مايكرون )
تحتوي على تراكيز عالية من العناصر الثقيلة وذلك لاحتوائها على نسب عالية من معادن
الطين والتي تمتلك قابلية أمتزاز عالية لهذه العناصر في بيئة الترسيب
( UNESCO , 1983 )  . ووفقاً إلى هذا المبدأ فقد
توصلت دراسة الحديثي
( 2001 )
حول محتوى العناصر الثقيلة (
Fe , Mn , Zn , Cu , Co , Cd , Pb , Cr , Ni ) في الجزء الطيني من رسوبيات
خزان سد القادسية كان
( 39850 –
30900 )
,  ( 1028 – 456
)
, ( 260 – 105 ) ,  ( 264 – 73 ) , ( 83 – 43 ) , ( 2.2 – 1.6 ) , ( 34 – 25 ) , ( 150 – 93 ) ,     ( 230 – 132
)
ملغم . كغم1- على التوالي ، كما استنتجت الدراسة بأن الأطيان في منطقة الدراسة قد
تأثرت بعدة عوامل ساهمت بتلوثها وزيادة محتواها من العناصر الثقيلة ، حيث تشكل
الفعاليات الصناعية في منطقة الدراسة وخاصة المياه المصرفة من المجمع الكيميائي في
القائم إلى نهر الفرات اساساً لتلوث الأطيان بهذه العناصر إضافة إلى الفعاليات
البشرية من خلال تصريف الفضلات الثقيلة .   

 تقييم
تلوث الرواسب
  An Assessment of Sediment Contamination

    تعد دراسة تلوث الرواسب ذات أهمية كبيرة لما
لها من تأثيرات عديدة على البيئة المائية لما تحويه من ملوثات عديدة من مصادر
متعددة سواء كانت زراعية أو صناعية أو بشرية ، لذا فأن الرواسب تعد مصدر ومخزن لملوثات
المياه (
Long and Morgan , 1990) . فقد ذكر Dwernychuk et
al.,
(1991)
بأن مصدر
تلوث الرواسب في سواحل مياه كندا كان بسبب النشاطات الصناعية وخاصة الصناعات
الورقية والنشاطات البشرية .

     وتصنف
ملوثات الرواسب إلى ملوثات معدنية تتمثل بالعناصر الثقيلة وخاصة عناصر الفضة والكادميوم
والكروم والنحاس والزئبق والنيكل والرصاص والزنك . والملوثات العضوية والمتمثلة
بالمواد الهيدروكربونية مثل النفثالين والفلورين والبايرين والمبيدات وغيرها
( Long et al. , 1995 ) وتعد العناصر الثقيلة من أكثر الملوثات انتشاراً في البيئة المائية
بسبب الفعاليات البشرية
(MacDonald ,
1994)
. وأن هذه العناصر الثقيلة
يمكن أن تتواجد بصور متعددة في المياه أما ذائبة أو مرتبطة مع المواد العضوية أو
المعدنية بشكل معقدات أو دقائق
Particles وتنتقل من مصادر تلوثها إلى الرواسب من خلال تفاعلات الأمتزاز Adsorption reactions ومن ثم
ترسبها . 

توزيع وأنتشار العناصر الثقيلة     

     أصبحت مشكلة
تلوث المياه بالعناصر الثقيلة أحدى المشاكل البيئية الخطيرة . فتقدر نسبة المياه
الملوثة في الولايات المتحدة الأمريكية بـ
( % 64 ) من 1300 موقع ملوث بالعناصر الثقيلة وخاصة عناصر الرصاص والكروم والنحاس
والنيكل (
Skjelkvule  , 2001  ) . وأن تلوث المياه بالعناصر الثقيلة من
مصادرها الرئيسية والمتمثلة بالمصادر الصناعية والزراعية أو الصرف الصحي تسبب في انتشارها
وأمتزازها من قبل الغرويات العضوية والمعدنية مما يقلل من تأثيراتها السمية على
البيئة المائية (
Bethke and Brady , 1999
) .

     وقد وضعت
عدة مفاهيم ومعادلات لوصف حركة وأنتشار العناصر المعدنية منها معادلة
Freundlich وLangmuir  بالإضافة إلى استخدام مفهوم
معامل الأنتشار (التوزيع)
Distribution Coefficient (Kd) والذي استخدم لوصف عمليات الأمتزاز بصورة مبسطة بين الغرويات
والعناصر الثقيلة والذي نالت دراسته اهتماماً متزايداً من قبل علماء البيئة لوصف
أنتشار وحركة العناصر الثقيلة بين الماء والرواسب (
Christensen , 1987 a,b  ) .

اقرأ ايضا :  الاستصلاح الحيوي للترب  الملوثة بالهيدروكاربونات النفطية والمتأثرة بالملوحة

أمتزاز العناصر الثقيلة بواسطة غرويات الرواسب

 تتعرض السطوح الصلبة المشحونة بشحنات موجبة
أو سالبة والتي تكون في تماس مع محاليل حاوية على أيونات أو جزيئات إلى العديد من
التفاعلات مثل تفاعلات الأمتزاز ِ
Adsorption والترسيب Precipitation والتعقيد Complexation والاحتباس Occlusion وغيرها .
والذي يحدد سيادة هذه التفاعلات وحصولها هي طبيعة المواد المتفاعلة ووسط التفاعل
( Dube et al. , 2001 ) .

     ولو حاولنا التأكيد على تفاعل الأمتزاز
والذي هو محور دراستنا الحالية بين
العناصر
الثقيلة ورواسب شط العرب ، يمكن أن نعرف عملية الأمتزاز بأنها الطريقة التي يرتبط
بها الأيون أو الجزيئة مع سطح المادة الصلبة بقوى كهربائية مختلفة ( أيونية
Ionic ، تساهمية Covelant ، فاندرفال Vanderwaals ) تحدد من
أنتشارها وحركتها أعتماداً على تركيزها في المحلول وخصائص السطح الصلب
( Sposito , 1984 ) .      

م.م. مرتضى شعيت

مرتضى حليم شعيت الصالحي، باحث وأكاديمي عراقي متخصص في العلوم الزراعية وعلوم الحياة. حاصل على شهادة البكالوريوس في العلوم الزراعية (2018) والماجستير في فيزياء التربة (2023). أعمل كمدرس مساعد في قسم علوم الحياة والبيئة، وأشغل منصب مسؤول شعبة الإحصاء في جامعة البصرة. خبير في تحسين الترب الزراعية، الزراعة المائية، وصناعة الأسمدة العضوية. أسعى من خلال عملي إلى دعم البحث العلمي وتطوير حلول مستدامة في القطاع الزراعي، بما يخدم الأكاديميين والمجتمع الزراعي على حد سواء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى