رسائل واطاريح

استصلاح الترب المتأثرة بالملوحة بالـ Phytoremediation في العراق

 استصلاح الترب المتأثرة بالملوحة بالـ Phytoremediation في العراق 

تعد الملوحة مشكلة متزايدة تواجه الزراعة
الاروائية التي تسد ما يقارب من ثلث حاجات
ا
لعالم الغذائي، اذ تشغل الترب المتأثرة بالاملاح مايقارب
10% من الاراضي الصالحة للزراعة في العالم (Tanji،2004). توجد الترب الملحية بالدرجة
الاولى في المناطق الجافة وشبه الجافة وقد توجد بدرجة
اقل في البيئات الرطبة بسبب التداخل البحري او تدخل
العامل البشري. ان كيمياء الترب الملحية تختلف اختلافا ًمعنوياً عن الترب
غيرالملحية من الناحية المعدنية ويسود معدن المونتموريلونايت على الكاوؤلينايت،
درجة تفاعل التربة معتدلة الى مرتفعة والاشباع القاعدي لمواقع التبادل على غرويات
التربة وتحتوي عادةً على الكالسايت فضلا عن الجبس ولكن بكميات اقل، كما تحتوي هذه
الترب على تراكيز عالية من الصوديوم المتبادل، مما يجعله مسيطراً على كل من عملية
التبادل الايوني والذوبان النسبي لاملاح الصوديوم والكالسيوم (ٍٍ
Suarez،2005).

 استصلاح الترب المتأثرة بالملوحة بالـ Phytoremediation في العراق 


تعد
عمليات استصلاح الاراضي بمفهومها العلمي الشامل
وهي معالجة المشاكل المحددة
للانتاج الزراعي، من انسب الاسس والوسائل للوصول الى التنمية الزراعية المتطورة
لرفع كفاءة استغلال الاراضي الزراعية وزيادة قابليتها الانتاجية ولاسيما في
المناطق المروية وذلك لكون هذه الانشطة والفعاليات تغطي رقعة سكانية ومساحات واسعة
في وسط وجنوب العراق والاستثمارات الكبيرة والجهود الضخمة المبذولة في هذا المجال
لتوفير قاعدة مادية مهمة للانتاج الزراعي والتطور الاقتصادي. 

أستصلاح الترب المتأثرة بالاملاح

تعد مشكلة ملوحة الترب ناتج للعمر الجيولوجي للارض خلال ما يقارب 450 مليون سنة اذ تراكمت في التربة نتيجة النقل بمياه الري والمياه الارضية وهذا التراكم يختلف من عدة اطنان بالهكتار تتراكم سنوياً في الترب القريبة من سواحل البحار الى بضعة كيلوغرامات في الترب في المناطق الداخلية (Darling ،2008).

تقسم الملوحة في الترب إلى ملوحة أولية وثانوية اعتماداً على المصادر التي تكونت منها في التربة. أذ تتكون الملوحة الثانوية نتيجة الاستعمال الخاطيء للترب وممارسات الري التي تؤدي الى ارتفاع المياه الجوفية عالية الملوحة ومساهمتها في عملية التملح (الزبيدي،1989؛Aslam وPrathapar،2006). نوقشت ظاهرة التملح الأولي والثانوي بشكل تفصيلي من قبل عدد كبير من الباحثين واستنبطت وطورت أيضاً نماذج هيدروجيولوجية لعمليات التملح. إلاّ ان المعلومات المنشورة حول الجيوكيمياء البيولوجية والفيزيائية للتغيرات التي تحصل في الترب المتأثرة بالملوحة تكاد تكون قليلة (Fitpatrick،2001). التربة الملحية تكون ذات ايصالية كهربائية لعجينة التربة المشبعة اكبر من 4 ديسي سيمنز. م-1 في درجة حرارة 25˚ م. الاملاح الذائبة هي كلوريدات وكبريتات الصوديوم والكالسيوم والمغنسيوم ودرجة التفاعل لا تزيد عن 8.2 وتوجد كميات من الجبس في مقد التربة ولا تتواجد فيها الكاربونات الحرة، الاملاح تجعل من الطين في التربة الملحية في حالة تخثر لذلك فهي بصورة عامة ذات صفات فيزيائية جيدة من حيث البناء والنفاذية وهي افضل حتى من الترب غير الملحية Abrol) وآخرون،1988).

المفهوم العام  للاستصلاح الحيوي  

  يعبر مصطلح Phytoremediation عبارة عن مقطعين الاول Phyto تعني النبات و remediation  معالجة اى بمعنى المعالجة بواسطة النبات، وهو مرادف لمصطلح الاستصلاح الحيوي الخضري Vegetative bioremediation (Qadir وOster،2002). وتعتبر هذه التقنية ذات مردود غير سلبي على موقع المعالجة وتستعمل لتنظيف او ازالة الملوثات من التربة والماء والهواء (Willey،2006). تؤدي المحاصيل دوراً في تحسين الايصالية المائية من خلال ممرات الجذور وانتاج غاز CO2 من خلال عملية التنفس ومن ثم تكوين حامض H2CO3 الذي يساعد على اذابة الكلس. علماً ان هذه التقنية لاتسبب ضرراً للبيئة، بل على العكس مما يجعلها تصب فى هدف الزراعة المستدامة Sustaiable agriculture. وجد Qadir وآخرون (a2003) ان الاستصلاح الحيوي phytoremediation ادى الى تناقص في ملوحة وصودية التربة بسبب الصوديوم المزال من التربة.  كما اشار  Evans(2006) الى امكانية استعمال محصولي الدخن والذرة البيضاء في استصلاح الترب المتأثرة بالاملاح نظراً لقابلتها على تحمل ملوحة التربة.
 الاستصلاح الحيوي ملائم جداً لمعالجة المواقع الملوثة ذات المستوى المنخفض الى المتوسط وبكلفة مناسبة مقارنة بالاساليب الاخرى للمعالجة اضافة لاستعمالها موقعياً، ويمكن لهذه التقنية ان تكون حلاً دائماً لازالة هذه الملوثات في بعض الاحيان (Padmavathiamma وLi ،2007). تقدير كفاءة الاستصلاح الحيوي تعتمد على كمية الملوثات (الاملاح) الكلية التي تجمعت في انسجة النبات نتيجة مقدار تراكمها في الكتلة العضوية (الجافة) من حصاد المحصول (EPA ، 2001). ان استعمال النباتات الملحية (Halophyte)  للاستصلاح قد لا تنتج كتله حيوية كبيرة بالقدر نفسه للمحاصيل غير الملحية Glycophyte، الا انها تكون ملائمة بسبب قابليتها للتاقلم ومقاومة للظروف البيئية وقابليتها لطرح الاملاح خارج جسم النبات الا ان المردود الاقتصادي لها يعد قليلا نسبياً (Chang ،2007 وFlowers وآخرون،2007). يمكن استعمال النبات من خلال عملية الاستصلاح الحيوي في ازالة وتقليل الملوثات من البيئة ومن ضمنها العناصر المعدنية والمبيدات وكذلك المشتقات النفطية كما يعمل على تثبيط او ايقاف التعرية المائية والهوائية والحد من حركة الماء الارضي للانتقال من مكان الى اخر(EPA ،2001).

الاجهاد والتحمل الملحي 

يعرف الاجهاد اوالشد بانه أي عامل خارجي (بيئي) يسبب تأثيرات غير ملائمة في مورفولوجية او فسيولوجية الكائن الحي ومن هذه المؤثرات البيئية الاملاح. يقاس الاجهاد بوحدة الطاقة، ولا بد من التمييز بين الاجهاد الملحي Salt Stress  والاجهاد الايوني Ionic Stress فعند زيادة تركيز الملح لدرجة تؤدي الى خفض الجهد المائي لوسط النمو لدرجة محسوسة بين (0.05-0.1) ميكاباسكال يدعى عندئذ اجهاداً ملحياً اما اذا كان الانخفاض فى الجهد المائي غير محسوس سيكون بشكل اجهاد ايوني (ياسين ،2001). ان الضرر الذي يمكن ان يحدثه الاجهاد الملحي يتضمن تاثيراً ازموزياً بانخفاض الجهد المائي الناتج عن المواد الذائبة  وبالتالي قلة دخول جزيئات الماء من محلول التربة الخارجي الى داخل النبات وتاثيراًغذائياً من خلال اخلال التوازن الغذائي بسبب وجود ايون او ايونات بتراكيزعالية قد يضاد او يمنع او يعرقل امتصاص ايون اوايونات اخرى، كالمنافسة التي تحدث بين الايونات مثل الكالسيوم والبوتاسيوم وتاثيراً سمياً اذ ان زيادة او نقصان تركيز ايون عن التراكيز الملائمة سوف يؤثر في العمليات الفسيولوجية للنبات وبالتالي حدوث سمية مثل البورون (Akram وآخرون،2007) . يعتمد مقدار التاثير على عوامل، منها نوع النبات والايونات الموجودة في مياه الري ورطوبة التربة ومرحلة نمو النبات (Etehadnia ،2009) .

أستخدام المحاصيل المتحملة للاملاح في عمليات الاستصلاح الحيوي 

بين Chang (2007) امكانية زيادة كفاءة الاستصلاح الحيوي phytoremediation باستخدام النباتات غير الملحية Non-halophyte اي النباتات الاقتصادية Glycophyte التي تنتج كتلة حيوية كبيرة، الكمية الكلية التي يستخلصها بواسطة هذه الكتلة الحيوية الكبيرة هي اكثر من كمية الاملاح التي يمكن استخلاصها بواسطة النباتات الملحية وذلك لضآلة الكتلة الحيوية التي ينتجها، وبين الباحث امكانية النباتات المتحملة للملوحة مثل الشعير والحنطة والشوفان وزهرة الشمس والبرسيم في الاستصلاح الحيوي للترب الملحية. درس Greenberg وآخرون (2008) الاستصلاح الحيوي بواسطة محصول الشعير المزروع في اصص اذ كان معدل امتصاص الشعير مابين 60-80 غرام من الاملاح لكل كيلو غرام مادة جافة لنبات الشعير. ومن النتائج التي توصل اليها Chang  (2007) ان تراكم كلوريد الصوديوم في نباتي fescue  وryegrass النامية في تربة ملحية تراوح بين 6-8% لكل كيلوغرام مادة نباتية جافة. كما بين Zhang وآخرون (2001) بان امتصاص الصوديوم في فجوات الخلايا  بلغ 6% من وزن انسجة نبات اللهانة النامية في ملوحة عالية اذ اضيف تركيز ملحي 200 ملي مول. لتر⁻¹ كلوريد الصوديوم. النتائج التي حصل عليها Kushiev وYuldashov (2008) اكدت حدوث انخفاض في ملوحة التربة من 215 الى 185 طن. ھـ⁻¹ لتربة عمقها  2م عند زراعة نبات عرق السوس واستنتج الباحث ان عملية الاستصلاح الحيوي كانت ملائمة في خفض الملوحة في اراضي اوزبكستان في اسيا الوسطى والتي تعاني من شحة المياه، فضلاً عن انتاج نباتات اقتصادية تستعمل للاغراض الطبية. 
 وجد العاني ومالك (2003) انخفاضاً في الايصالية الكهربائية ECe ونسبة امتزازالصوديوم SAR للتربة بعد زراعتها بالاعلاف النجيلية وذلك في وحدة الالبان في الباقير في السودان. كما وجد Kaffka وآخرون (2004) بان زراعة حشائش برمودا grass   Bermuda  Cyanodon dactylon ادت الى استصلاح التربة الملحية اذ انخفضت ملوحة طبقات التربة من (0-1.2) م بعد أربع سنوات من الزراعة على الرغم من استعمال مياه ذات ملوحة (3.6 ديسي سيمنز.م⁻¹) وقد استخدم الباحثون جزء غسل Leaching Fraction(LF) بمعدل 0.06.

استخدام برنامجWATSUIT  في التنبؤ بملوحة المنطقة الجذرية 

اسم البرنامج اختصار لكلمتين Water suitability والتي تعني صلاحية المياه . قدم البرنامج من قبل Rhoades وآخرون (1992) واعتمدته منظمة الغذاء والزراعة الدولية .FAO ان ديناميكية طبقات التربة من تبادل الايونات سوف تعطي تقيماً لمدى ملاءمة مياه الري وجزء الغسل المستخدم اثناء الزراعة الذي يتاثر في العديد من المتغيرات التي سوف تؤثر في استجابة المحاصيل للملوحة ومن ضمنها المناخ وخصائص التربة وكيمياء المياه وطريقة الري وادارة التربة. بسبب قلة المعلومات المتوفرة وقلة فهم ادراك استجابة المحاصيل للملوحة وجهد الماء المطلوبة للبرامج الاخرى جعل استخدام برنامج WATSUIT  من اكثر البرامج صلاحية من الناحية التطبيقية مقارنة مع البرامج الاخرى اذ تقتصرعلى التركيب الايوني لمياه الري وكاربونات الكالسيوم وجزء الغسل والمصلحات الكيميائية. يتضمن البرنامج وصف الحالة المستقرة steady state  التي تصل اليها طبقات التربة  بعد مدة من استخدام المياه للري (تمثل اقصى تراكم للاملاح والذي يكون ناتج من مياه الري) والتي تمثل اسوأ حالة تصل اليها التربة نتيجة تراكم الاملاح وكذلك التاثيرات الناتجة من الملوحة على انتاجية المحاصيل الزراعية. الاسس التي اعتمدها البرنامج عند حساب ملوحة المنطقة الجذرية هي ما ياتي Rhoades وآخرون(1992) :-
  1. التوازن الملحي :- اضافة متطلبات الغسل للسيطرة على التوازن الملحي .
  2. التبادل الايوني الموجب :- في هذا البرنامج يتم احتساب SAR وتؤخذ كمؤشر لتكون الصودية اعتمادا على ما اقترحه مختبر الملوحة الامريكي ومنظمة الغذاء والزراعة الدولية           
  3. تفاعلات الاذابة والترسيب :-  اعتمد البرنامج على قيم حاصل الاذابة لنسبة المواد الناتجة الى المتفاعلة  للمركبات قليلة الذوبان كالجبس والكلس وتاثير التنبؤ بمدى ترسيبها او ذوبانها في طبقة الجذور وتاثير ضغط غاز PCO2  في الهواء الجوي وهواء التربة.
  4. السمية والتوازن الغذائي :- اعتمد عتبة التاثير بأيون الكلوريد والبورون لتحديد السمية للكلوريد والبورون والنسبة  : Ca Mg اكبر من 1 ملي مول. لتر-1 وتركيز 2<Ca ملي مول. لتر-1 لتقدير حالة التوازن الغذائي بالنسبة للتغذية الخاصة بالكالسيوم .
  5. اعتمد مخطط توزيع الرطوبة في طبقة الجذور كأساس لتوزيع الملوحة والايونات في الجذور الى اربع طبقات اذ يفترض ان امتصاص الماء من قبل النبات في منطقة الجذر يكون بالشكل الآتي 40%  و 30%  و 20% و 10% من استهلاك الماء .
  6. افترض البرنامج ان ضغط غاز CO2 في الطبقة الملامسة للهواء الجوي مساوي لضغط غاز CO2 في الجو ويزداد مع العمق . 

م.م. مرتضى شعيت

مرتضى حليم شعيت الصالحي، باحث وأكاديمي عراقي متخصص في العلوم الزراعية وعلوم الحياة. حاصل على شهادة البكالوريوس في العلوم الزراعية (2018) والماجستير في فيزياء التربة (2023). أعمل كمدرس مساعد في قسم علوم الحياة والبيئة، وأشغل منصب مسؤول شعبة الإحصاء في جامعة البصرة. خبير في تحسين الترب الزراعية، الزراعة المائية، وصناعة الأسمدة العضوية. أسعى من خلال عملي إلى دعم البحث العلمي وتطوير حلول مستدامة في القطاع الزراعي، بما يخدم الأكاديميين والمجتمع الزراعي على حد سواء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى