دور بعض المنشأت الصناعية في مدينة بغداد في تلوث التربة والمياه والنبات ببعض العناصر الثقيلة
دور بعض المنشأت الصناعية في مدينة بغداد في تلوث التربة والمياه والنبات ببعض العناصر الثقيلة
ان التطور الهائل الذي شهده العالم والثورة الصناعية ادى الى الحاق الكثير من الاضرار في مكونات البيئة نتيجة تلوثها بالكثير من الملوثات ومن بينها العناصر الثقيلة ( زعلان وآخرون ,2006) , اذ تعد العناصر الثقيلة من اخطر الملوثات المطروحة للبيئة وتزداد خطورتها عند بقائها في التربة او تجري عليها اي تغيرات كيميائية وتؤدي الى تلوث النباتات والثمار والخضروات التي يتناولها الانسان مما ينعكس ذلك على صحته (Shetwey ,2002) ، تمثل عوادم السيارات ومداخن المصانع والمعامل ومخلفاتها الصلبة من اهم مصادر العناصر الثقيلة في البيئة(Sharma وآخرون ,2008) ، لما لهذه العناصر من خطورة كبيرة في احداث التسمم الغذائي والتسمم المعدني والامراض السرطانية والطفرات الجينية والتشوهات الخلقية وتأثيرها على الجهاز العصبي والهضمي وتأثيرها على خلايا المخ (Shinggu وآخرون ,2010) .
دور بعض المنشأت الصناعية في مدينة بغداد في تلوث التربة والمياه والنبات ببعض العناصر الثقيلة |
تعد العناصر الثقيلة كالرصاص والكادميوم والزنك والنيكل من اخطر المواد الملوثة للتربة والماء والهواء ومن اهم مصادر هذا التلوث مخلفات ونفايات المصانع واحتراق الوقود وعوادم السيارات( صالح ،2012 ) ويؤدي تلوث التربة الى انخفاض انتاجية المحاصيل الزراعية نتيجة لرداءة نوعية التربة، وتؤثر في النبات وتكوينه الطبيعي الذي يخفض من قيمته الغذائية (Singh, et al.,2011 ) ويمتد اثرهذا التلوث ليشمل الانسان والحيوان عبر السلسلة الغذائية.
العناصر الثقيلة والصغرى :
هي عناصر طبيعية توصف بانها فلزات وتسمى بالخطأ باسم المعادن التي هي املاح العناصر وهي الاخرى قد تكون موجودة في البيئة او الغذاء وتوصف بالثقيلة بسبب ثقل وزنها الذي يبلغ خمسة امثال الماء او اكثر أي بتعبير ادق كثافتها تبلغ 5 غرام سم3 فأكثر(العمر,2000) ، او العناصر التي يزيد وزنها الذري عن الوزن الذري لعنصر الحديد (55.85غم) (الدباغ والسعدي,2004 , Forsher و wittmann , 1981) أو العناصر ذات الوزن النوعي الذي يزيد على 5 غم/ سم3 ( Suciu واخرون , 2008).
تعد العناصر الثقيلة من اكثر الملوثات البيئية اذ يؤدي استمرار انبعاثها من مصادرها المختلفة (الطبيعية والصناعية) الى زيادة تراكيزها في الغلاف الجوي . أهم مصادر العناصر الثقيلة في البيئة هي قشرة الارض والمحيط الحيوي (المياه الجوفية والسطحية والبيئة البحرية) والوقود الاحفوري (الفحم والنفط والغاز الطبيعي) أو من حرق وقود السيارات وعمليات التعدين (انتاج المعادن من خاماتها) وصهر الخامات وانبعاث العناصر الثقيلة الى الغلاف الجوي من مداخن المعامل والمصانع والمنشآت الصناعية الاخرى كمصافي تكرير النفط ومعامل الطابوق (Vedenov واخرون , 1996).
تلوث المياه :
يقصد به افساد نوعية مياه الانهار ومياه البحار والمحيطات فضلا عن مياه الامطار والابار الجوفية مما يجعل هذه المياه غير صالحة للاستعمال , وبصورة ادق هو التغيرات التي تحدث في الخصائص الطبيعية والبيولوجية والكيميائية للمياه مما يجعلها غير صالحة للشرب او الاستعمالات المنزلية والصناعية والزراعية ، ان اكثر المصادر التي تسبب تلوث مياه المجاري المائية هي مخلفات المصانع السائلة والناتجة عن الصناعات التحويلية كتوليد الكهرباء والحديد والصلب والمنتجات البلاستيكية والكيميائية .
على الرغم من استفحال مشكلة تلوث المياه وضخامة حجمها فأنها تزداد سوءاً يومياً, فقد اوضح تقرير منظمة حماية البيئة الامريكية EPA (2009) في الولايات المتحدة الامريكية ان المياه تصبح ملوثة عندما تحتوي على مكونات تفسدها بحيث لا تصلح للاستهلاك البشري او الحيواني .
المصادر الرئيسة لتلوث المياه في البيئة العراقية :
- التلوث الزراعي :
تعد المبازل المصدر الرئيس لزيادة الملوحة لنهري دجلة والفرات , اذ وصل تركيزها الى اكثر من 4 – 5 غم.لتر-1 كما أن استخدام المبيدات الكيميائية يؤدي الى ابادة الحياة المائية والحالة مشابهة في حالة استخدام الاسمدة الكيميائية التي تحتوي على تراكيز لا بأس بها من العناصر الثقيلة , فضلا عن التلوث الذي يحدثه طرح مياه المجازر الى الانهار من دون معالجة لان معظم المجازر لا تحتوي على منظومات معالجة (تلوث المياه في العراق وطرق معالجتها , 2005).
- التلوث الصناعي :
تعد الصناعة المصدر الرئيس لتلوث المياه اذ تأخذ المجمعات الصناعية المياه التي تحتاجها في عملية التصنيع من الانهار ، وتطرح هذه المياه بعد استعمالها الى الانهار محملة بمواد ملوثة (عضوية ولا عضوية) ومواد سامة وبعض العناصر الثقيلة كالرصاص والزئبق والكادميوم بسبب افتقار اكثر المنشآت الصناعية الى وحدات معالجة الامر الذي يؤدي الى طرح هذه المياه الملوثة الى الانهار وهذه تسبب خللا في التوازن الطبيعي للنظام البيئي ويصبح الماء غير صالح للاستهلاك البشري والحيواني ( تلوث المياه في العراق واثاره البيئية. 2005).
- التلوث الناجم عن الفعاليات المدنية :
وهذه تمثل مياه الصرف الصحي الناجمة عن التجمعات السكنية فضلا عن مياه المستشفيات التي لا تحتوي على منظمات معالجة مما يؤدي الى زيادة الخطر الصحي في المصادر الاساسية للماء في نهري دجلة والفرات .
- النفايات :
ان معظم مدن العراق ليست فيها مجاري حتى المنفذ منها في بعض المدن مثل بغداد اصبحت متقادمة وتزيد من التلوث كما ان النفايات الصلبة لا تعالج بشكل صحي في مواقع نظامية وتساهم مع مياه الصرف الصحي بالتسرب الى المياه السطحية والجوفية وتزيد من تلوث الانهار التي تصب فيها دون معالجة اضافة الى ان معظم شبكات مياه الشرب في المدن متداخلة مع المجاري مما يساهم في تشكيل كارثة صحية خاصة في نقل الامراض المعدنية .
تلوث النبات :
تعد مشكلة تلوث النباتات من اهم المشاكل البيئية في الوقت الحاضر نظراً للحاجة الملحة للنباتات لتغذية الحيوان والانسان ، ويقصد بتلوث النبات هو احتواءه على تراكيز عالية من العناصر والمواد الاخرى تفوق الحدود المسموح بها والتي تؤدي الى الحاق الضرر بالمستهلك لهذا النبات سواءا” كان حيوانا” ام انسانا” (Radwan و Salma , 2006).
ان زيادة تراكيز هذه العناصر في النباتات يأتي من نمو النبات في تربة ملوثة بهذه العناصر (Azita و Seid , 2008) . تختلف النباتات فيما بينها في امتصاص للعناصر الثقيلة فهناك اصناف معينة من النباتات العليا تستطيع ان تجمع كميات كبيرة من الملوثات في انسجتها من دون ان تظهر علامات السمية عليها( Bennett واخرون , 2003) لذلك فان مثل هذه النباتات تستعمل وبنجاح لإزالة العناصر الملوثة للتربة (Ebbs واخرون , 1997).
التأثيرات الضارة للترب الملوثة :
ينجم عن الترب الملوثة تأثيرات مختلفة من أهمها : –
- التأثيرات الصحية : تختلف باختلاف العنصر والجرعة المأخوذة من العنصر فالزئبق يستهدف الجهاز العصبي وبعض العناصر تعطل عمل بعض الانزيمات الحيوية الحاوية على الكبريت كما يسبب الكادميوم حالة فرط التشنج وحالة فقر الدم الخبيث ، كما أن ملامسة الجلد للتربة الملوثة او شرب المياه الملوثة او تناول الخضر والفواكه الملوثة يؤدي الى حدوث اضرار بالغة في جسم الكائن الحي .
- التأثيرات البيئية : تسبب تسمم النباتات والحيوانات والاحياء الاخرى .
- التأثيرات الاقتصادية : عن طريق فقدان التربة الملوثة لقيمتها الزراعية .
- يسبب التلوث بالعناصر الثقيلة تثبيط نمو النبات: من خلال التأثير في عمليات الانقسام والاتساع الخلوي والتنظيم الهرموني لنمو النبات وتكوينه , لذلك تضطرب الفعاليات الايضية المختلفة مثل البناء الضوئي والتنفس ونشاط الانزيمات وبناء الحوامض النووية والبروتين التي تؤدي الى انخفاض نمو انتاجية النبات (Wierzbicka , 1987).
التأثيرات الضارة في المياه :
- تدهور نوعية المياه وعدم صلاحيتها للاستخدامات المختلفة .
- زيادة نسبة الملوثات عن الحد الطبيعي مثل زيادة عسرة الماء والمواد الكلية الذائبة و المواد الكلية الصلبة العالقة وزيادة تركيز العناصر الصغرى والثقيلة .
- ارتفاع نسبة الملوحة في التربة وتأثيراتها المختلفة على الترب والنبات والانسان والحيوان .
- تهديد الثروة السمكية والاحياء المائية الاخرى .
محطات توليد الطاقة الكهربائية :
تستخدم محطات توليد الطاقة الكهربائية الحرارية او البخارية الوقود الثقيل (Heawy Fuel oil) لتوليد الطاقة ، اذ يدخل هذا الوقود بصورة مباشرة الى الوحدات الحرارية علماً انه في بداية التشغيل يستعمل زيت الغاز (الكازاويل) , أما بالنسبة للمحطات الغازية فتقوم بعملية معالجة للوقود الثقيل ومن ثم استخدامه في الوحدات الغازية .
ينتج عن عملية توليد الطاقة الكهربائية انبعاثات غازية تحتوي العناصر الثقيلة واكاسيد الكبريت والنتروجين , اذ ينتج عدد كبير من العناصر الثقيلة . تشمل Fe, Ni, Mn, Cu, Ba, Se ,As ,Zn, Cr ,Cd, Pb ,V والتي تترسب على الاراضي والنباتات والمياه مسببة تلوثها بهذه العناصر. يشير الجدول 3 الى تراكيز العناصر الثقيلة في الرماد المتطاير (Fly ash) المتخلفة عن عمليات الاحتراق للوقود الثقيل ( مايكروغرام. م -3)