دراسة سلوك بعض العناصر الثقيلة باستعمال مياه ملوثة معالجة باستعمال مواد عضوية ومعدنية وتأثيرها في نمو محصول الذرة الصفراء .Zea mays L في تربتين مختلفتي النسجة
دراسة سلوك بعض العناصر الثقيلة باستعمال مياه ملوثة معالجة باستعمال مواد عضوية ومعدنية وتأثيرها في نمو محصول الذرة الصفراء .Zea mays L في تربتين مختلفتي النسجة
يعتبر التلوث ظاهرة بيئية والتي أخذت قسطا كبيراً من اهتمام حكومات دول العالم منذ النصف الثاني من القرن العشرين ، وتعتبر مشكلة التلوث أحد أهم المشاكل البيئية الملحة التي بدأت تأخذ ابعاداً بيئية واقتصادية واجتماعية خطيرة ، خصوصا بعد الثورة الصناعية في اوروبا والتوسع الصناعي الهائل والمدعوم بالتكنولوجيا الحديثة ، وأخذت الصناعات في الآونة الأخيرة اتجاهات خطيرة متمثلة في التنوع الكبير وظهور بعض الصناعات المعقدة والتي يصاحبها في كثير من الأحيان تلوث خطير يؤدي عادة إلى تدهور المحيط الحيوي والقضاء على النظم البيئية العالمية ، وبهذا اصبحت مكونات البيئة من التربة والماء والنبات ملوثة بسبب الملوثات الطبيعية والكيميائية والبايلوجية مما ادى الى حدوث خلل في مكونات البيئة ، ويعد الانسان العامل الأساس في إخلال التوازن بمكونات وعناصر البيئة من حيث النشاط الصناعي والتوسع السكاني واتساع المدن التي لها اثر مدمر في البيئة. ونتيجة للتطور الهائل الذي يشهده العالم ادى ذلك الى الكثير من الأضرار في مكونات البيئة نتيجة تلوثها بالكثير من الملوثات ومن بينها العناصر الثقيلة.
دراسة سلوك بعض العناصر الثقيلة باستعمال مياه ملوثة معالجة باستعمال مواد عضوية ومعدنية وتأثيرها في نمو محصول الذرة الصفراء .Zea mays L في تربتين مختلفتي النسجة |
إن العناصر الثقيلة الناجمة عن النشاطات المختلفة تبقى في التربة لتصل إلى النباتات والبذور ومكونات التربة الأخرى وإن وجود هذه الملوثات في البيئة يؤثر على صحة الإنسان والحيوان والمحاصيل الزراعية والحياة البرية وتشكل التربة الملوثة بالعناصر الثقيلة أكبر التحديات البيئية التي تواجه العالم أجمع ، اذ أثبتت الدراسات أن خطورة العناصر الثقيلة تكمن في صفاتها التراكمية في أجسام الكائنات الحية وتسبب اضرار للإنسان عند تناوله الغذاء الملوث بهذه العناصر ، وتعد العناصر الثقيلة كالرصاص والكادميوم والنيكل من أخطر المواد الملوثة للتربة والماء والهواء ، ومن أهم مصادر التلوث مخلفات ونفايات المصانع واحتراق الوقود وعوادم السيارات ، ويؤدي تلوث التربة الى انخفاض إنتاجية المحاصيل الزراعية نتيجة لرداءة نوعية التربة.
التلوث البيئي
اختلف علماء البيئة والمناخ في التوصل الى تعريف دقيق ومحدد للمفهوم العلمي للتلوث البيئي ، وأيا كان التعريف فان المفهوم العلمي له مرتبط بالدرجة الأولى بالنظام الايكولوجي ، اذ ان كفاءة هذا النظام تقل بدرجة كبيرة وبشكل عام عند حدوث تغير في الحركة التوافقية بين العناصر المختلفة ، فالتغير الكمي او النوعي الذي يطرأ على تركيب عناصر هذا النظام يؤدي إلى الخلل ، ومن هنا نجد ان التلوث البيئي يعمل على إضافة عنصر غير موجود في النظام البيئي أو تزيد من تركيزه ، أو انه يزيد أو يقلل من وجود احد عناصره بشكل يؤدي الى عدم استطاعة النظام البيئي على قبول هذا الأمر الذي يؤدي الى احداث تغيير في هذا النظام (Gharaybeh ، 2010) ، وعرف زعلان وآخرون (2006) التلوث البيئي بانه احداث تغير في البيئة التي تحيط بالكائنات الحية بفعل الانسان وانشطته اليومية مما يؤدي الى ظهور بعض الموارد التي لا تتلاءم مع المكان الذي يعيش فيه الكائن الحي ويؤدي الى اختلاله ، وذكر الخفاجي (2016) بأن التلوث يعني أي تغيير سواء كان كمياً أو كيفياً في مكونات النظام الحية وغير الحية التي لا تكون الأنظمة البيئية قادرة على استيعابها لذلك سوف يحصل اختلال في التوازن البيئي مع الاشارة ان هذا التغير يكون في عمل الانسان وليس في الاختلال الطبيعي الذي يحدث في البيئة.
نظراً لأهمية التلوث وشموليته فقد قسم Alasadi (2016) التلوث البيئي على ثلاث درجات متميزة هي :
1 – التلوث المقبول :
لا تكاد تخلو منطقة ما من مناطق الكرة الأرضية من هذه الدرجة من التلوث ، إذ لا توجد بيئة خالية تماما من التلوث نظرا لسهولة نقل التلوث بأنواعه المختلفة من مكان إلى آخر سواء كان ذلك بواسطة العوامل المناخية أو البشرية والتلوث المقبول هو درجة من درجات التلوث التي لا يتأثر بها توازن النظام البيئي ولا يكون مصحوبا بأي أخطار أو مشاكل بيئية رئيسة.
2 – التلوث الخطر :
تعاني كثير من الدول الصناعية من التلوث الخطر والناتج بالدرجة الأولى من النشاط الصناعي وزيادة النشاط التعديني والاعتماد بشكل رئيس على الفحم والبترول كمصدر للطاقة. وهذه المرحلة تعد مرحلة متقدمة من مراحل التلوث إذ إن كمية ونوعية الملوثات تتعدى الحد البيئي الحرج والذي بدأ معه التأثير السلبي على العناصر البيئية الطبيعية والبشرية. وتتطلب هذه المرحلة إجراءات سريعة للحد من التأثيرات السلبية ويتم ذلك عن طريق معالجة التلوث الصناعي باستخدام وسائل تكنولوجية حديثة كإنشاء وحدات معالجة كفيلة بتخفيض نسبة الملوثات
لتصل إلى الحد المسموح به دوليا أو عن طريق سن قوانين وتشريعات وضرائب على المصانع التي تسهم في زيادة نسبة التلوث.
3 – التلوث المدمر :
يمثل التلوث المدمر المرحلة التي ينهار فيها النظام الإيكولوجي ويصبح غير قادر على العطاء نظرا لاختلاف مستوى الاتزان بشكل جذري. ولعل حادثة تشرنوبل التي وقعت في المفاعلات النووية في الاتحاد السوفيتي سنة 1986 خير مثال للتلوث المدمر، إذ إن النظام البيئي انهار كليا ويحتاج إلى سنوات طويلة لإعادة اتزانه بواسطة تدخل العنصر البشري وبتكلفة اقتصادية باهظة ويذكر تقدير لمجموعة من خبراء البيئة في الاتحاد السوفيتي بأن منطقة تشرنوبل والمناطق المجاورة لها تحتاج إلى حوالي خمسين سنة لإعادة اتزانها البيئي وبشكل يسمح بوجود نمط من أنماط الحياة.
تلوث التربة
عرف Pierzynski وآخرون (2000) تلوث التربة بأنه دخول عناصر ضارة إليها ، ويمكن لهذه العناصر أن تمتلك تأثيراً سلبياً على جودة التربة وصحة الأحياء فيها ، ويمكن لهذا أن يكون نتيجة اللامبالاة والصدفة ، ويمكن أن يكون في المقابل نتيجة للأفعال غير القانونية للتخلص من النفايات ، وقد يكون نتيجة لممارسة بعض الأنشطة الأخرى.
ذكر Mishra وآخرون (2016) بأن التربة تتعرض لمشاكل عديدة ، أهمها التلوث ، والذي يعرف بأنه تعرض التربة لبعض المواد الكيميائية ، أو أية مواد تعد غير مكونة للتربة ، أو يزيد تركيزها عن النسبة الطبيعية ، إذ إن بعض هذه الملوثات ذات أصل بشري ، وبعضها طبيعي ، ويكمن الخطر في أن تلوث التربة غير مرئي ، وله تأثير مباشر في الأمن الغذائي على مستوى العالم.
وبشكل عام تتعرض التربة للتلوث ، بسبب تعرضها لمواد من مصادر مختلفة ، وتقسم مصادر التلوث حسب طبيعتها على نوعين رئيسين ، هما :
1 – التلوث الطبيعي :
تحتوي التربة على مجموعة من العناصر الثقيلة بنسب معينة ، فإذا ازداد تركيز هذه العناصر في التربة ، فإن التربة تصبح ملوثة ، ومن ثم فهي تشكل خطراً على البيئة ، وعلى صحة الإنسان ، ومن أشكال هذا التلوث :
- التلوث بالعناصر الثقيلة : قد تتعرض بعض الصخور للتجوية في بعض المناطق التي تحتوي على صخور ذات عناصر ثقيلة ، كتجوية الصخور الحاملة للكبريتيد ، مما يؤدي إلى ارتفاع تركيزها في طبقات التربة.
- التلوث بالعناصر المشعة : توجد في بعض الصخور عناصر مشعة ، إذا ازدادت نسبة تركيزها في التربة ، بسبب تعرضها للعوامل الطبيعية المختلفة ، فإنها ستؤدي إلى تعرض التربة للتلوث بمواد خطيرة ، ومن ثم ستشكل خطراً كبيراً على صحة الإنسان ، وعلى الطبيعة ، ومن هذه العناصر : النويدات المشعة ، والزرنيخ ، وغيرها من العناصر ، ويرتفع النشاط الإشعاعي الطبيعي بشكل أكبر في الصخور الحمضية ، والنارية ، والصخور الغنية بالفلدسبار ، والفيليت ، كما ينبعث عنصر الرادون المشع بشكل أكبر من التربة التي تحتوي على الكربونات.
- التلوث بنواتج الظواهر الطبيعية : تتسبب بعض الظواهر التي تحدث بشكل طبيعي في إصدار بعض العناصر التي تحدث تلوثاً للتربة ، فالنشاط البركاني يتسبب في حرائق الغابات الطبيعية ، ويصدر مركبات شبيهة بالديوكسين ، والهيدروكربونات العطرية ، كما تسبب التجوية في الصخور ازدياد مستويات الكروم ، والنحاس ، والنيكل، والزنك.
- التلوث بالظواهر الكونية : إذ يحمل الغبار الكوني ، والنيازك ، عناصر تحدث تغييرات مضرة على المواد العضوية الموجودة في التربة.
- التعدين : تصدر مصانع التعدين الكثير من النفايات التي تحتوي على عناصر سامة ، وعناصر ثقيلة ، كما أن عملية صهر المعادن لفصل العناصر المطلوبة ، أدخلت العديد من الملوثات إلى التربة ، كالرصاص ، والنحاس ، والكروم ، والنيكل ، فضلاً عن أن عملية استخراج الفوسفات تولد نشاطاً إشعاعياً ضاراً للطبيعة ، وتعد عملية استخراج النفط ، والغاز ، أحد مسببات تلوث التربة ، وذلك بسبب تسرب النفط الخام ، والمحاليل الملحية إلى التربة ، كما أن انسكاب النفط الخام من مواقع الآبار ، ومن خطوط الأنابيب ، من العوامل الرئيسة التي تؤدي إلى تلوث التربة في المناطق المنتجة للنفط.
- البنية التحتية : توسع النشاط البشري في البنية التحتية ، بسبب ازدياد الإسكان ، والطرق ، والسكك الحديدية ، أحدث تلوثاً مباشراً على البيئة ، والتربة ، فوسائل النقل تسبب انتشار ملوثات صادرة من الانبعاثات التي تسببها محركات الاحتراق ، كما أن انسكاب البنزين ، وتأكل السيارة المعدنية ، والإطارات ، يولد عناصر ثقيلة ملوثة ، مثل : الهيدروكربونات العطرية متعدد الحلقات ، والمطاط ، والبلاستيك.
- الصناعات : إن عملية التخلص من النفايات عن طريق مدافن النفايات غير القانونية ، واستخدام المياه المستعملة غير المعالجة ، تسبب إطلاق العناصر الثقيلة ، والمركبات العضوية غير القابلة للتحلل الحيوي ، وغيرها ، كما أن بعض المواد الكيميائية المستخدمة في صناعة المنظفات ، ومنتجات العناية الشخصية ، تدخل إلى مياه الصرف الصحي ، وتتسبب في تلوث التربة ، فضلاً عن البلاستيك المستخدم في التعبئة ، والتغليف ، وأكياس التسوق ، والأدوات المنزلية.
- الزراعة : يؤدي استخدام بعض المواد في الزراعة ، مثل : الأسمدة ، ومبيدات الآفات ، إلى إصدار بعض المواد الكيميائية ، كالنحاس ، والكادميوم ، والرصاص والزئبق ، وهي تعد ملوثات للتربة ، لأنها يمكن أن تضعف عملية الأيض في النباتات ، وتقلل إنتاجية المحاصيل.
- المبيدات : تسبب الفطريات والبكتريا والحشرات المختلفة العديد من المخاطر للمحاصيل الزراعية ومن ثم تنتقل هذه المضار والآفات إلى الحيوان والإنسان ، مع ان هناك العديد من الحشرات والبكتريا والفطريات ذات فائدة كبيرة للكائنات والنظام البيئي ، وبلا شك ساعدت المبيدات الحشرية بالقضاء على كميات كبيرة من المشاكل التي تحدث بواسطة الحشرات ، ولكن بعد تراكم هذه المبيدات في أنسجة الكائنات الحية أصبحت هذه المبيدات مشكلة تواجه العالم بأسره حيث ظهر بشكل كبير تأثيراتها السلبية المختلفة.