المجاري البولية: دراسة بعض عوامل المناعة الفطريه المرتبطة مع التهاب المجاري البولية
تعتبر العدوى البكتيرية في المجاري البولية شائعة، حيث تصيب حوالي نصف النساء في حياتهن. تصنف هذه العدوى بناءً على حالة العائل، وغالبًا ما تكون ناتجة عن الإشريكية القولونية الممرضة (UPEC) التي تأتي من الأمعاء. تمتلك هذه البكتيريا عوامل ضراوة تساعدها على العدوى، وعندما تثبت العدوى، تبقى محصورة في المجاري البولية إلا في وجود ظروف معينة. يلعب الجهاز المناعي دورًا مهمًا في مواجهة هذه العدوى، حيث تتفاعل مستقبلات التعرف على الأنماط مع البكتيريا، مما يؤدي إلى استجابة مناعية سريعة.
على الرغم من وجود حواجز قوية، قد تتمكن البكتيريا الممرضة من دخول المجاري البولية، مما يفعّل الاستجابة المناعية عبر مستقبلات مثل TLRs. تشمل هذه الاستجابة إطلاق مواد كيماوية ومضادات ميكروبية. بينما تعد الببتيدات المضادة للميكروبات (AMPs) ضرورية لمكافحة العدوى، حيث تنتجها خلايا المثانة وتساعد في تقليل نمو البكتيريا. كما أن نقص بعض هذه الببتيدات يزيد من قابلية الإصابة، مما يبرز أهمية التحكم في الاستجابة المناعية للحفاظ على سلامة الحاجز الظهاري.
أهمية الدراسة
تتمثل أهمية هذه الدراسة في فهم العلاقة بين تكوين الأغشية الحيوية ومقاومة المضادات الحيوية، مما يساعد في تطوير استراتيجيات علاجية فعّالة لمكافحة هذه العدوى. تعتبر الأغشية الحيوية عاملًا رئيسيًا في القدرة على البقاء للبكتيريا، حيث تحميها من الاستجابة المناعية للجسم ومن تأثير المضادات الحيوية.
التهابات المجاري البولية
تعرّف عدوى المجاري البولية (UTI) بأنها العدوى التي تصيب الكلى والحالب والمثانة والإحليل نتيجة استعمار بكتيري. حيث تؤثر على حوالي 150 مليون شخص سنويًا حول العالم. كما تعتبر هذه العدوى من أكثر الإصابات البكتيرية شيوعًا، وتسببها بكتيريا سالبة وموجبة الجرام، بالإضافة إلى بعض الفطريات، مما يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة مثل الضيق، وتكوين الخراجات، والناسور، والتسمم الجرثومي، والتهاب الحويضة والكلية، وضعف وظائف الكلى. تظهر الدراسات أن معدل انتشار العدوى يصل إلى 30% لدى النساء و10% لدى الرجال سنويًا.
تعتمد التشخيصات على وجود بكتيريا في عينة البول. حيث تعرّف الإصابة بوجود 10 بكتيريا على الأقل لكل مل من البول. اقترح بعض الباحثين تعريفات أكثر حساسية. لكن كلا التعريفين مقبولان حاليًا. يعتبر وجود 10 بكتيريا مع وجود كريات دم بيضاء في البول (pyuria) مؤشرًا على استجابة التهابية في الغشاء المخاطي الناتجة عن غزو ممرض. يمكن أن تكون pyuria مرتبطة بعدوى بكتيرية أو تكون معقمة في حالات مثل السل أو الأورام.
كما وحظيت عدوى المجاري البولية باهتمام الباحثين في العراق منذ الثمانينيات وحتى العقد الأول من القرن الواحد والعشرين. حيث تناولت الدراسات السريرية والبكتريولوجية واختبارات حساسية البكتيريا.
تصنيف مرض المجاري البولية
تصنف عدوى المجاري البولية (UTI) سريريًا إلى نوعين رئيسيين: العدوى غير المعقدة والعدوى المعقدة، تعتبر العدوى غير المعقدة شائعة بين الأفراد الأصحاء الذين لا يعانون من أي تشوهات هيكلية أو عصبية في المسالك البولية. تقسم هذه العدوى إلى نوعين: عدوى المسالك البولية السفلى (التهاب المثانة) وعدوى المجاري البولية العليا (التهاب الحويضة والكلية). تترافق عدة عوامل خطر مع التهاب المثانة، مثلا الجنس الأنثوي، والتاريخ السابق للعدوى، والنشاط الجنسي، والعدوى المهبلية، والسكري، والسمنة، والاستعداد الجيني.
أما العدوى المعقدة، فهي تلك المرتبطة بعوامل تؤثر سلبًا على الدفاعات الطبيعية للجهاز البولي، مثلا الانسداد البولي، واحتباس البول الناتج عن أمراض عصبية، والاكتئاب المناعي، وفشل الكلى، وزراعة الكلى، والحمل، ووجود أجسام غريبة مثلا الحصوات أو القسطرات.
تظهر العدوى symptomatic في شكلين رئيسيين: التهاب الحويضة والكلية. الذي يتسم بألم في الجنب وحمى، والتهاب المثانة، الذي يتميز بعسر البول وزيادة التردد والإلحاح في التبول، ويشكل 95% من الزيارات الطبية المتعلقة بالعدوى.
يمكن أن تحدث العدوى أيضًا بشكل عرضي، حيث تعرف العدوى asymptomatic بوجود بكتيريا في البول دون ظهور أعراض. مما يُشير إلى وجود حالة حقيقية من العدوى دون التعبير عن الأعراض التقليدية.
المناعة ضد المرض
تتضمن المناعة ضد عدوى المجاري البولية (UTI) آليات متعددة للدفاع. حيث تلعب المناعة الفطرية دورًا رئيسيًا في حماية الجسم من استعمار الميكروبات. يتم ذلك من خلال عوامل قابلة للذوبان تفرز في البول، بالإضافة إلى الحواجز التشريحية مثلا اللويحات الجليكوبروتينية (uroplakins) وطبقة من المخاط المرطب. تبطن المسالك البولية بخلايا ظهارية وخلايا مناعية مقيمة، مما يعزز الحماية ضد العدوى. تمنع هذه الحواجز دخول مسببات الأمراض إلى المسالك البولية وتساعد في منع العدوى المستمرة.
تُعتبر الفلورا الطبيعية الموجودة في المنطقة المحيطة بالإحليل خط الدفاع الأول ضد العدوى. حيث تلعب دورًا مهمًا في مقاومة استعمار مسببات الأمراض. إذا تمكنت البكتيريا من تجاوز هذه الخطوط الدفاعية الأولى، هناك آليات أخرى للتخلص منها. تشمل العوامل الميكانيكية مثل تدفق البول والتفريغ المنتظم للمثانة، بالإضافة إلى العوامل الكيميائية مثل الحموضة المنخفضة (الرقم الهيدروجيني المثالي). ووجود اليوريا، والحديد، والجلوكوز، وارتفاع أوسمولالية البول، التي تعتبر جميعها مثبطة لنمو البكتيريا.
علاوة على ذلك، تساهم مكونات الدفاع الكيميائية للخلايا الظهارية، مثل طبقة المخاط التي تغطي ظهارة المثانة. في حماية الجسم من التصاق البكتيريا، كما يعزز عملية غسل المثانة ويقلل من فرص العدوى. تعتبر هذه الآليات مجتمعة ضرورية للحفاظ على صحة الجهاز البولي ومنع التهابات المسالك البولية.
ملخص الدراسة
أجريت هذه الدراسة في الفترة من 18 نوفمبر 2018 إلى 15 أبريل 2019. حيث تم جمع عينات من البول والدم من المشاركين في مستشفى البصرة العام ومستشفى الصدر التعليمي. شملت الدراسة 60 مريضًا يعانون من عدوى المسالك البولية و30 فردًا صحيًا كمجموعة ضابطة. تم إجراء استبيان خاص لكل مشارك يتضمن معلومات شخصية وأسئلة حول أعراض العدوى. كشفت النتائج أن 73% من المرضى كانوا متزوجين و27% غير متزوجين، مع وجود فرق دال إحصائيًا (P≤0.000). كما أظهرت الدراسة أن نسبة المرضى كانت أعلى في المناطق الريفية (53%) مقارنة بالمناطق الحضرية (47%)، بدون فرق إحصائي (p>0.005).
سجلت أعلى نسبة من المرضى في الفئة العمرية من 20-29 عامًا. بينما كانت أقل نسبة في الفئة العمرية من 50-55 عامًا، مع وجود فرق دال إحصائي. كانت البكتيريا المُحددة التي تم تسجيلها تشمل الإشريكية القولونية (E. coli) بنسبة 60%، والمكورات العنقودية الذهبية (Staphylococcus aureus) بنسبة 32%، وكليبسيلا (Klebsiella spp.) بنسبة 8%.
تم قياس تركيز بروتين C-reactive عالي الحساسية (hs CRP)، والببتيد المضاد للميكروبات كاتليسين (LL-37)، ومستقبلات التعرف على الأنماط (TLR2 وTLR4) في البول والدم باستخدام مجموعات اختبار محددة. أظهرت النتائج زيادة ملحوظة في متوسط تركيز hs CRP في مصل المرضى، لكن بدون ارتباط مع نوع العدوى البكتيرية. لوحظت زيادة ملحوظة في تركيز كاتليسين (LL-37) في البول، مع ارتباط دال بين نوع العدوى وتركيز LL-37.
اقرا ايضا : بايولوجية جراثيم فاقدة الجدار المشتركة مع حمج الحمى المعوية المتخفي في الانسان