زراعة البرسيم الحجازي: تقرير شامل ومفصل عن زراعة وانتاج البرسيم
المقدمة
زراعة البرسيم الحجازي وعند استعراض قائمة المحاصيل الزراعية المعروفة في العالم، نجد أن من أنسب المحاصيل التي يمكن أن تدخل في دورة زراعية مع القمح تحت الرى المحوري في العالم هو زراعة البرسيم الحجازي. فجميع المواصفات المذكورة أعلاه يمكن أن تنطبق على هذا المحصول ماعدا صفة الاحتياجات المائية حيث أن متطلبات زراعة البرسيم الحجازي ( كمحصول معمر ) تكاد تكون ثلاثة أضعاف احتياجات القمح .
من هذا المنطلق فقد تم تحضير هذه النشرة عن زراعة وانتاج البرسيم الحجازي على أمل أن يجد القارىء فيها بعض الفائدة تجاه تحسين انتاج هذا المحصول المبارك. وقد زودت النشرة ببعض المعلومات الاساسية عن زراعة البرسيم الحجازي كما روعي إدراج المصادر التي أخذت منها هذه المعلومات حتى يتمكن القارىء من الرجوع اليها للحصول على مزيد من المعلومات اذا تطلب الأمر.
معلومات عامة عن البرسيم الحجازي
يعتبر هذا المحصول العلفي من أهم ، ( إن لم يكن أهم ) محصول علفي في العالم، وذلك لما له من مميزات عن غيره من محاصيل العلف خاصة في وفرة الانتاج والقيمة الغذائية وتأقلمه في مختلف البيئات .
وقد قدرت المساحة المزروعه في العالم بحوالي مئتي مليون دونم موزعة في جميع القارات الخمس، وتعتبر الولايات المتحدة والارجنتين من أكثر بلدان العالم اهتماماً بزراعة هذا المحصول، ويزرع في معظم بلدان الشرق الأدنى بما في ذلك المملكة العربية السعودية وتقدر المساحة التي زرعت عام ١٤٠٠ هـ في المملكة بحوالي ۲۷۰ ألف دونم. الا أن التوسع الهائل في مساحات الأرض المروية بالرى المحوري لابد وأن يؤثر ايجابيا على مساحة الأرض المزروعة مستقبلاً .
وفيما يلي نورد بعض المعلومات العامة عن هذا المحصول :
منشأ البرسيم الحجازي
يعتقد أن الموطن الأصلي للبرسيم الحجازي هو الصين وبلدان جنوب شرق آسيا. كما توجد الكثير من الادلة في التاريخ تشير إلى أن هذا المحصول كان يزرع في أواسط ايران قبل عام ۷۰۰ قبل الميلاد ويعتقد أنه انتشر من ايران إلى البلدان العربية ثم إلى أوروبا وأمريكا .
كما تسمية في أمريكا « الفالفا » Alfalfa” ويعتقد أن هذه الكلمة هي كلمة عربية وتعني ( العلف الامثل » (The Best Fodder) . وقد استوردت أمريكا هذا المحصول ( مع اسمه ) من البلدان العربية. وعند انتاج البرسيم الحجازي أوروبا واستراليا يسمى البرسيم الحجازي Lucerne . أما اسمه العلمي فهو Medicago sativa.
أما في البلدان العربية، يعرف بأسماء عديدة منها على سبيل المثال الفصه ( في الأردن وسوريا ولبنان ) ، والبرسيم الحجازي ( في مصر والسودان وبعض أجزاء من المملكة ) والجت ( في العراق والكويت وبعض أجزاء من المملكة )والقضب ( في اليمن وجنوب المملكة العربية السعودية ) .
البيئة المناسبة
للبرسيم الحجازي مقدرة فائقة على التأقلم في بيئات مختلفة، فهو يتحمل درجات الحرارة المنخفضة جداً (تحت الصفر )، والعالية (٤٩ مئوي) . كما يتحمل الجفاف، ولكن يقل انتاجه بصورة ملحوظة اذا تعرض لفترات جفاف شديد خاصة اذا طالت فترة الجفاف. وهذه حالات يمكن ان يبقى محصول في سبات حتى ينتهي موسم في برد شديد أو حر شديد أو جفاف، ويستأنف نموه بصورة طبيعية اذا زالت هذه المؤثرات وتوفرت متطلبات النمو.
وتعتبر نوعية التربة العميقة الحسنة الصرف والمزيجية (Loamy Soil) الغنية بالكلس من أحسن الترب لزراعة هذا المحصول، وينخفض الانتاج في الترب الفقيرة بالعناصر الغذائية خاصة الكلس أو الترب سيئة الصرف. وعندما اكتشفت حاجة النبات للكلس أصبح يزرع في أراض كان يظن أنها لا تصلح لزراعته، وهذا مما شجع على انتشاره في كثير من بلدان العالم .
الوصف العام لنبات البرسيم الحجازي
يعرف بانه محصول علفي بقولي معمر، حيث يمكن أن يعيش من ١٥ – ٢٠ سنة أو أكثر ( اذا لم يتأثر بالامراض والحشرات ) . ولكن يترك عادة في الأراضي الزراعية من ٣ – ٥ سنوات حيث يعطي أحسن انتاج بين السنة الثانية والرابعة وبعد ذلك يبدأ الانتاج في الانخفاض ( غير أن هذه الظاهرة تتوقف على عوامل عديدة منها الصنف والتربة والامراض والادارة الجيدة وما الى ذلك ) . وفيما يلي وصف موجز لنبتة البرسيم الحجازي :
أ – الجذور :
أول مراحل نموها يكون لها مجموعة من الجذور الرئيسية وعليها تفرعات ثانوية وبمرور الزمن يصبح للنبتة جذر وتدى رئيسي واحد يتعمق في التربة الى أعماق بعيدة ( تصل في التربة المناسبة الى عمق ۸ الی ۱۰ متر ). وتنمو على الجذر الوتدى تفرعات ثانوية تقوم بعملية امتصاص الغذاء والماء من التربة وتحمل العقد البكتيرية التي تثبت النيتروجين من الهواء ( شكل رقم ١ ) .
ب – منطقة التاج :
تتكون منطقة التاج بالقرب من سطح الأرض وتكون محمولة على قمة الجذر الوتدى ومنها تخرج السيقان. وعند حصاد أي عند قص السيقان فان النموات الجديدة تأتي من البراعم التي تكون في طور سكون في منطقة التاج وتستمد الغذاء من الجذر الوتدى ( لانه بعد القص لا يوجد سطح أخضر للقيام بعملية التمثيل الضوئي وتزويد البراعم بالغذاء ) . وتكون سيقاناً جديدة. لهذا، من الضروري مراعاة عدم ادخال آلات ثقيلة جداً في الحقول الزراعية حتى لا تتلف منطقة التاج التي تكون بالقرب من سطح التربة. (شكل ۱).
ج – السيقان :
تنمو السيقان من منطقة التاج وتصل في ارتفاعها عن الأرض من ٦٠ – ٩٠ سم أو أكثر. وقد تكون منتصبة ولكن في بعض الاصناف. تحت ظروف بيئية معينة ترقد والساق يكون أخضر اللون، مضلع وأجوف ويتكون من براعم وسلاميات ( الجزء بين برعمين على ساق النبات يسمى سلاميه ) وترتيب براعم الساق هو ترتيب لولبي ويخرج من برعم ورقة مركبة ومن ابط ورقة النبات يخرج فرع ثانوي على الساق الرئيسي وينتهي الساق وبعض الفروع الثانوية العليا ببراعم زهرية تحمل ازهارها في مجاميع أو عناقيد.
ويختلف عدد السيقان للنبات الواحد من ٥ – ٢٠ ساق . من صفات الصنف الجيد أن تكون السلاميات قصيرة وهذا يجعل عدد الأوراق كثيرة وكلما كانت نسبة الأوراق الى السيقان أكثر كلما كان الصنف أحسن لأن القيمة الغذائية للأوراق أعلى منها في السيقان كما سنرى لاحقا .
د – الاوراق :
للبرسيم الحجازي أوراق مركبه وتتكون الورقة من عنق وثلاث وريقات : اثنتان جانبيتان جالستان (بدون عنق والثالثة في القمة وتكون معنقة ( أي لها عنق : قصير ) . والاوراق خضراء داكنة بيضاوية الشكل مسننة الاطراف اما جزئياً أو كلياً ومغطاة بزغب خفيف ومعرقه، ويظهر الشكل رقم ٢ تغايرات في أحجام وأشكال ومدى تسنن الأوراق.
في الاصناف الجيدة تكون نسبة الأوراق إلى السيقان من ٤٨ – ٥٠٪ والأوراق تحوى القسم الأكبر من العناصر الغذائية مقارنة بالسيقان وتجف بسرعة أكثر من السيقان مما يجعلها عرضة للفقدان أثناء الحصاد والنقل.
هـ – الازهار والثمار :
تحمل نبتة البرسيم الحجازي الازهار في مجاميع أو عناقيد ويحوى العنقود من ٥ – ٢٠ زهرة أو أكثر والازهار أرجوانية اللون. وتتكون زهرة البرسيم من خمس أوراق ملونة بتلات (Petals)، واحدة في الأعلى وتسمى علم أو بتلة رئيسية (Banner) وهي أكبرها وورقتان جانبيتان وتسميان الجناحان (Wings)، ثم ورقتان ملتحمتان وتسميان الجوجو (Keel) وبداخلهما توجد الاعضاء الذكرية والانثوية.
وتتكون الاعضاء الانثوية من القلم (Style) ويحمل على رأسه الميسم Stigma) وفي أسفله المبيض الذي يحوى النوى ) جمع نواه ) الانثوية. أما الاعضاء الذكرية فتتكون من عشرة متوك (Stamens) التي تحمل بداخلها حبوب اللقاح (Pollen)، بينما والمتوك محمولة على عشر حويطات (Filaments) تحيط بالقلم في مجموعتين شكل رقم (۳)
وجميع هذه الاعضاء تكون داخل الجوجو أما الثمرة فتتكون من قرن لولبي الشكل يكون أخضر اللون قبل النضج، ومن ثم يتحول تدريجياً الى اللون الأصفر ثم اللون البني أو الأسود. وداخل القرن (Pod) توجد البذور (Seeds) ويتراوح عددها من ۱ – ۸ بذور للقرن الواحد. وتصف كلوية الشكل وتكون خضراء كبيرة الحجم بادىء الأمر. ثم تتحول الى اللون القهوائي الفاتح عند النضج .
أجزاء زهرة البرسيم الحجازي ، وهي : أولا : مقطع طولي في منظر جانبي لزهرة البرسيم الحجازي، يبين : ب – الجناحان . ا- البتله الرئيسية . ج – القلم وحوله المتوك قبل انفتاح الجؤجؤ (منقط) . د القلم وحوله المتوك بعد انفتاح الجؤجؤ وحبوب اللقاح المتطايره . هـ – المبيض.
ثانياً : منظر أمامي لزهرة البرسيم الحجازي بعد ازالة البتلة الرئيسية يبين فيه :
ا – الجناحان . ب – الجوجو وهو مغلق .
ثالثاً : منظر أمامي الزهرة البرسيم الحجازي يبين فيه :
- الجناحان .
- الجوجو بعد انفتاحه
- القلم وحول رأسه المتوك .
زراعة البرسيم الحجازي
فيما يلي نورد شرحاً موجزا لما يمكن اتباعه من خطوات لزراعة البرسيم الحجازي تحت الرى المحوري. ومن الضروري أن ننوه هنا أن هذه الارشادات هي مجرد اقتراحات عامه، حيث يصعب اعطاء توصيات دقيقة ومفصلة تناسب كل البيئات ( مناخ وتربه ). وبذلك كل الظروف وذوو الخبرة لاشك أن لهم طرقهم في اتباع الخطوات المناسبة، أما المتبدؤون يجدون هذه الارشادات بعض الفائدة وبمرور الزمن يستطيعون تجنب كل مالا يناسب ويتبعون كل ما هو مفيد.
أما الخطوات التي اخترناها لهذا التقرير فهي:
اختيار الصنف :
في المملكة كما في معظم بلدان الشرق الأدنى توجد أصناف محلية من البرسيم الحجازي. وهذه الاصناف متأقلمه وشائعة الاستعمال عند المزارعين. وفي معظم الحالات نجد أن منشأ هذه الاصناف وتاريخ دخولها غير معروفين، كما أن برامج تربية النبات. وبهذا لم تدخل على هذه الاصناف أي تحسينات الا ما ندر.
في البلدان المتقدمة زراعياً فقد أوجدوا أصنافاً جديدة عن طريق الانتخاب والاستيراد والتهجين، لذا ورفعوا انتاجية هذا المحصول بشكل ملحوظ. وبذلك يتم استيراد بذور هذه الاصناف المحسنة أحياناً لتجربتها في بلادنا .
في المملكة توجد عدة أصناف محلية منها (الحساوى – المدني – الخرجي – الحلوى)، وكما تدل هذه الاسماء فان كل صنف يجود في المنطقة المسمى باسمها .
نتيجة الدراسات سابقة فقد سمحت وزارة الزراعة والمياه باستيراد بذور أصناف أخرى من الخارج ومن هذه الاصناف ما يلي :
- 101 CUF وهو صنف أمريكي تم تطويره في كلفورنيا حديثا .
- 69 Moapa وهو من الأصناف التي أدخلت في التجربارب.
- Diablo Verde. Maxdor
- ويزرع بعض مزارعين صنف يسمى عراقي يكون مصدره من العراق.
تحضير الأرض للزراعة
تحضير الأرض بشكل جيد يعد من أهم متطلبات الزراعة الناجحة، خاصة للمحاصيل ذات البذور الصغيرة مثل البرسيم الحجازي. يتطلب التحضير تربة مفككة بعمق مناسب لزراعة البذور بعمق متجانس وسطح مستوٍ.
في الأراضي الخفيفة والمتوسطة، الأرض الرطوبة حتى عمق 50-90 سم، ثم تحرث بعمق 7-10 سم. في الأراضي الثقيلة، يُفضل إجراء حراثة عميقة ثم تنعيم سطح التربة. تعديل السطح مهم لتوزيع البذور بشكل متجانس وتقليل الفراغات التي تؤدي لفقدان جزء من الحاصل وزيادة نمو الحشائش.
إضافة الأسمدة عند الزراعة
إضافة الأسمدة تعتمد على توصيات تحاليل التربة، وهي مهمة لأسباب عدة:
- التكاليف: الأسمدة تعتبر من أكثر مدخلات الزراعة كلفة، والإفراط في استخدامها يزيد التكاليف ويقلل الأرباح.
- التأثير على الإنتاج: إضافة كميات غير مناسبة من الأسمدة قد يؤثر سلبًا على الإنتاج.
تختلف احتياجات المحاصيل، البرسيم الحجازي تحتاج إلى مستويات عالية من الفوسفور، وتستجيب جيدًا لإضافة الأسمدة البوتاسية والعناصر الصغرى مثل الزنك. تجارب أظهرت أن إضافة الكبريت تعزز الإنتاج، بينما كانت استجابة البرسيم لإضافة النيتروجين غير ثابتة.
توصيات الخبراء تشمل:
- عند زراعة نبات، يتم اضافة 150-160 كغم/هكتار من سوبر فوسفات.
- بعد ذلك، يتم اضافة 110-120 كغم/هكتار كل أربعة أشهر.
- بعد أسبوع من إثبات نبات برسيم، تضاف اليوريا مع مياه الري لمدة 40 يومًا.
تساعد هذه الممارسات على تحسين الإنتاجية وتحقيق أفضل النتائج الزراعية.
معاملة بذور البرسيم الحجازي
يتم معالجة بذور نبات البرسيم الحجازي ببكتيريا العقدية المعروفة باسم Rhizobium meliloti. كما تمزج مع البذور قبل الزراعة لضمان حيوية البكتيريا. تقوم هذه البكتيريا بعمل عقد جذرية وتثبت نيتروجين من الهواء، وقد تُثبت حوالي 150-250 كغم/هكتار سنويًا.
تتبع التعليمات المقدمة من الشركات المنتجة للقاح البكتيري فيما يتعلق بالكمية وطريقة المزج. ومع ذلك، يُعتقد أن فعالية معاملة البكتريا تعتمد على التجارب المحلية، خاصة في مناخ المناطق الحارة والتربة الفقيرة.
بذور البرسيم تُعتبر صلبة، مما يجعل نفوذ الماء داخلها صعبًا، لذا يُنصح بتخديشها (Scarification) لتحسين الانبات، على الرغم من أن هذه عملية قد تؤثر سلبًا عليه. يُنصح أيضًا بفحص نسبة الانبات قبل زراعة البرسيم، وإذا كانت أقل من 85٪، يجب زيادة كمية البذور لتعويض الانبات الضعيف.
تصنيع البرسيم الحجازي
يقدم البرسيم الحجازي للحيوانات اما كعلف أخضر أو يجفف في الحقل. كما يجمع في أقوام أو تعمل منه بالات لتسهيل التخزين والمداولة. وفي أمريكا يوجد ٩٠٪ منه يحزن على شكل بالات ويقدم للحيوانات كنباتات جافة.
أثناء عملية القص والتجفيف والنقل يمكن أن يفقد المزارع جزءاً من أوراقه والمعروف أن الأوراق تحوى ٧٠٪ من البروتين الذي يحويه النبات ( ٣٠٪ في السيقان ) وكذلك تحوى الأوراق ٩٠٪ من الكروتين الموجودة في النبات. ولهذا فانه من الضروري بذل أقصى جهود للمحافظة على الأوراق من الفقدان سبها وأنها رقيقة جدا وتجف قبل السيقان.
ولذلك المخدت عدة اجراءات للتقليل من فقدان الأوراق ومنها ما يلي :
- توجد آلات تضغط سيقانها أثناء القص مما يساعد على سرعة جفافها، وقد يقلل من الفترة بين جفاف الأوراق والسيقان.
- بعد حصاده يقطع بالات خاصة إلى قطع صغيرة ويجفف اليسا ويخزن كندريس أو تبن . والتقطيع يساعد على تجفيفه بسرعة.
- يمكن أن يجفف البرسيم الحجازي ثم يطحن ويقدم كسحوق أو يعمل من المسحوق مكعبات أو كبسولات وتقدم هذه المكعبات كعلف.