رسائل واطاريح

Enterobacter cloacae : اطروحة عن بكتريا E. cloacae المعزولة من حالات سريرية مختلفة

تعتبر بكتيريا Enterobacter cloacae من الكائنات الحية الدقيقة التي تعيش بشكل طبيعي في القناة الهضمية للإنسان. ولكن يمكن أن تسبب التهابات خطيرة مثل الإسهال والتهابات مجرى الدم والمسالك البولية. تنتمي هذه البكتيريا إلى عائلة Enterobacteriaceae، وهي عصوية الشكل وسالبة لصبغة غرام، وتتميز بقدرتها على الحركة والانتهازية.

تتسبب E. cloacae في الأمراض من خلال تكوين الأغشية الحيوية ومقاومة العديد من المضادات الحيوية، بما في ذلك البنسلين والسيفالوسبورينات. حيث تنتج إنزيمات بيتا لاكتام واسعة الطيف (ESBL). تشكل هذه البكتيريا ثالث جنس جرثومي من حيث تسببها في الالتهابات داخل المستشفيات.

تهدف الدراسة إلى تقييم نمط المقاومة للبكتيريا من خلال عزلها من مصادر سريرية مختلفة. واستخدام تقنيات جزيئية لتشخيصها وفحص حساسيتها تجاه المضادات الحيوية. كما تشمل الدراسة تحليل التركيب الوراثي وتحديد العلاقة التطورية بين العزلات المحلية والعالمية.

الصفات العامة لبكتيريا Enterobacter cloacae

بكتيريا Enterobacter cloacae هي نوع شائع من البكتيريا تنتمي إلى عائلة Enterobacteriaceae. تتميز بأنها سالبة لصبغة غرام، متحركة، وعصوية الشكل، ولها كبسولة صغيرة مكونة من عديد السكريات. تتراوح أبعادها بين 0.3 إلى 0.6 ميكروميتر عرضًا وطولًا.

تعيش E. cloacae بشكل طبيعي في القناة الهضمية للإنسان، حيث تمثل 40-80% من الفلورا الطبيعية، وتوجد أيضًا في البيئة مثل الخضروات الطازجة واللحوم. تعتبر هذه البكتيريا انتهازية، حيث يمكن أن تتحول إلى كائنات مرضية، خصوصًا في المستشفيات، مما يسبب مضاعفات خطيرة.

الخصائص الزرعية والكيموحيوية لبكتيريا Enterobacter

تعتبر الاختبارات الكيموحيوية أداة مهمة لتمييز بكتيريا E. cloacae عن الأنواع الأخرى ضمن جنس Enterobacter. تتميز E. cloacae بأنها سالبة لصبغة غرام، غير محللة للدم، وتظهر مستعمراتها الملساء بأبعاد 3.4 ملم، كما تخمر السكر الكلوكوز وتنتج الحامض. تنمو في أوساط معينة مثل ماكونكي وHekton enteric agar، وهي غير منتجة للصبغات أو السبورات.

تظهر البكتيريا حركة بواسطة الأسواط، وتكون موجبة لاختبارات الكاتالاز واختزال النترات، بينما هي سالبة لاختبار الأكسيداز. تُظهر أيضًا تفاعلات إيجابية وسلبية متنوعة في اختبارات أخرى، مثل استهلاك الأحماض الأمينية والسكريات. حيث تكون موجبة للتخمير لبعض السكريات مثل الكلوكوز والمالتوز والسوربيتول، ولكن سالبة للأدونيتول والدنيز.

تصنيف بكتيريا Enterobacter cloacae

يضم جنس Enterobacter 26 نوعاً (species) واثنان بمرتبة تحت النوع (subspecies). كما تم اعادة تصنيف 6 منها إلى أجناس أخرى وفقط 10 أنواع يمكن عزلها سريرياً.

ان الموقع التصنيفي البكتريا Enterobacter يتم تحديثه بصورة مستمرة إذ تندرج تحت اسم Enterobacter cloacae complex ستة أنواع متشابهة من الناحية المظهرية والوراثية و E.hormaechei و E.dissolvens و E. kobei و E.asburiae و E. cloacae وهي E. nimipressuralis ومعظمها تمتلك تشابهاً في الحامض DNA مع E.cloacae وبنسبة 67-61%.

صنفت هذه البكتريا حسب Hoffmann و Roggenkamp (2003) بالشكل التالي :

مصادر العدوى ببكتيريا Enterobacter:

تعتبر معظم الإصابات الناتجة عن بكتيريا E. cloacae داخلية المنشأ (endogenous). حيث تعيش هذه البكتيريا بشكل طبيعي في القناة الهضمية للأشخاص الأصحاء دون أن تسبب لهم المرض. لكن يمكن أن تصبح مرضية عند حدوث عدوى أو انخفاض في المناعة، مما يجعلها بكتيريا انتهازية.

تشير الدراسات إلى أن العدوى في المستشفيات ترتبط بانتقال البكتيريا داخلياً من القناة الهضمية. وهو ما تم دعمه من خلال تحاليل جزيئية. زيادة الحمل البكتيري في أمعاء المرضى، خاصة مع استخدام المضادات الحيوية مثل السيفالوسبورينات، يؤدي إلى طفرات وزيادة المقاومة للمضادات. يمكن أن ينتقل هذا النمو المفرط إلى أماكن أخرى مثل العقد اللمفاوية أو مجرى الدم.

أما الإصابات الخارجية المنشأ (exogenous) فتحدث بسبب التلوث، مثل استخدام الأجهزة أو الأدوات الملوثة، أو انتقال العدوى عن طريق الأيدي الملوثة. هذه العدوى قد تحدث بعد الإجراءات الطبية بسبب تلوث الأدوات أو الأسطح.

بكتريا E. cloacae والمضادات الحياتية

تم تعريف المضاد الحيوي (antibiotic) من قبل العالم Selman Waksman عام 1942 على أنه مادة تنتجها كائنات دقيقة وتمنع نمو كائنات مجهرية أخرى. حالياً، يشمل المصطلح أيضاً المنتجات الطبيعية والمواد الكيميائية المصنعة ذات الفعالية ضد البكتيريا والفطريات.

تقسم المضادات الحيوية إلى نوعين بحسب تأثيرها: مثبطة للنمو (bacteriostatic) أو قاتلة (bactericidal). تؤثر المضادات على الخلايا البكتيرية بطرق مختلفة. حيث يمكن أن تستهدف الجدار الخلوي كما في البنسلين، أو تثبط تصنيع البروتين كما في التتراسايكلين والأمينوكلايكوسيدات. أو تعيق تضاعف واستنساخ الحمض النووي البكتيري كما في الكوينولونات.

التركيز المثبط الادنى لبكتريا E. cloacae

يمكن تعريف التركيز المثبط الادنى (MIC) على انه أقل تركيز من المضاد الحياتي له القدرة على التأثير في أي كائن مجهري تحت التجربة حيث لا يظهر نمواً واضحاً ومرئياً خارج الجسم (in vitro) وهو يعد مهماً في تزويد المختصين بمعلومات دقيقة عن درجة تحسس البكتريا المرضية لمضاد معين ولتجنب استخدام المضادات الحياتية التي تقاومها تلك البكتريا.

ذكر Saunders (1991) بأن تواجد التركيز الأدنى من مضاد السيفالوسبورين في الفسحة الواقعة بين غشاء الخلية البكتيرية وجدارها ضروري لتثبيط مواقع البروتينات الرابطة للبنسلينات وبالمقابل فإن منع هذا المضاد من التراكم أو التجمع في هذا المكان من قبل البكتريا سيقود الى ان تصبح هذه البكتريا مقاومة لهذا المضاد ، وقد وجد ان بكتريا E.cloacae تمتلك زوج من العوامل التي تثبط او تمنع تجمع مضادات السيفالوسبورينات من الجيلين الثاني والثالث في الفسحة البريبلازمية ، وهي :

  • ان الغشاء الخلوي الخارجي outer membrane لبكتريا E. cloacae أقل نفاذية المضادات السيفالوسبورينات. بمعدل 10-14 مرة أكثر من بكتريا العصيات القولونية E coli.
  • قدرة بكتريا E. cloacae على تحليل الجيل الثاني والثالث من مضادات السيفالوسبورينات بسبب قدرتها على إنتاج انزيمات البيتا لاكتام وبسرعة عند تواجد تراكيز واطئة من هذا المضاد في الفسحة البريبلازمية.

الكشف عن المقاومة للمضادات الحياتية وآلياتها

إنتاج المضادات الحياتية أحدث ثورة في الطب وأنقذ العديد من الأرواح، لكن منذ بداية استخدامها، بدأت بعض البكتيريا في تطوير مقاومة لها. لاحظ العالم Alexander Fleming سلالات مقاومة بعد اكتشاف البنسلين، مما أدى إلى ظهور سلالات “بكتيريا خارقة” قادرة على مقاومة معظم المضادات الحياتية المتاحة، مما يهدد النظام الصحي العالمي.

تظهر الدراسات أن هناك علاقة قوية بين معدلات استهلاك المضادات وظهور المقاومة. على سبيل المثال، سجلت حالات مقاومة لمضادات مثل التتراسايكلين بعد فترة قصيرة من اكتشافها. تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن السلالات المقاومة تمثل خطراً يهدد الصحة العامة إذا لم تتخذ إجراءات للحد من انتشارها.

توجد آليات مختلفة للمقاومة تشمل:

  1. تحوير المضاد: عبر إنتاج إنزيمات تحطيم مثل β-lactamases.
  2. تقليل نفاذية الغشاء الخلوي: مما يمنع دخول المضادات إلى الخلايا.
  3. تغيير الموقع الهدف: من خلال طفرات نقطية تؤدي إلى تقليل الألفة بين المضاد والموقع المستهدف.
  4. تطوير مسار أيضي بديل: مثل استهلاك حامض الفوليك بدلاً من حامض para-aminobenzoic.

ملخص الاطروحة

تعتبر بكتيريا Enterobacter cloacae من الأنواع البكتيرية المهددة لحياة الإنسان، حيث تمتلك عوامل ضراوة مثل مقاومة المضادات الحياتية وإنتاج إنزيمات البيتا لاكتاميز. تهدف هذه الدراسة إلى تقييم نمط المقاومة للمضادات الحياتية، سواء كانت بلازميدية أو كروموسومية، ودراسة العلاقة التطورية بين العزلات المحلية والعالمية.

تم جمع 263 عينة سريرية من مرضى في مستشفيين في الديوانية، وتم عزل 25 عزلة (9.5%) من E. cloacae. أظهرت النتائج مقاومة 100% لمضادات الأموكسيلين والسيفالوتين والدوكسيسايكلين، بينما كانت نسبة المقاومة لمضادات أخرى مثل الأميكاسين والجنتامايسين والتتراسايكلين متفاوتة. كانت جميع العزلات حساسة لمضادات الكلورامفينيكول والسيبروفلوكساسين والامبينيم والميروبنيم.

تم تحديد التركيز المثبط الأدنى (MIC) لعزلات الدراسة، حيث أظهرت مقاومة تامة للأموكسيلين والسيفالوتين عند تركيز 32 ملغم/مل، بينما كانت جميع العزلات حساسة للسيبروفلوكساسين عند تركيز 1 ملغم/مل. كما أظهرت الدراسة أن 92.3% من العزلات منتجة لإنزيمات البيتا لاكتام.

تم استخدام تقنية تفاعل سلسلة البوليميريز (PCR) لتحديد المورث HSP60، مما ساعد في رسم شجرة تطورية بين العزلات المحلية والعالمية. تشير النتائج إلى أن E. cloacae تلعب دوراً كبيراً في الأخماج بسبب قدرتها على مقاومة المضادات، وأن مضادات السايبروفلوكساسين والميروبنيم والامبينيم هي الأنسب لعلاج هذه العدوى. كما أظهرت الدراسة تطابقاً عالياً بين العزلات المحلية والعالمية، مما يبرز أهمية فهم الطفرات الوراثية في هذه البكتيريا.

اقرأ ايضاً: عزل وتشخيص البكتريا المسببه لمرض التدرن التاجي باستخدام بعض العوامل الكيميائية و الاحيائية

 

م.م. مرتضى شعيت

مرتضى حليم شعيت الصالحي، باحث وأكاديمي عراقي متخصص في العلوم الزراعية وعلوم الحياة. حاصل على شهادة البكالوريوس في العلوم الزراعية (2018) والماجستير في فيزياء التربة (2023). أعمل كمدرس مساعد في قسم علوم الحياة والبيئة، وأشغل منصب مسؤول شعبة الإحصاء في جامعة البصرة. خبير في تحسين الترب الزراعية، الزراعة المائية، وصناعة الأسمدة العضوية. أسعى من خلال عملي إلى دعم البحث العلمي وتطوير حلول مستدامة في القطاع الزراعي، بما يخدم الأكاديميين والمجتمع الزراعي على حد سواء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى