عثة التمور : التقييم الحيوي لعوامل حيوية ومركبات نانوية في المختبر
رسالة ماجستير : التقييم الحيوي لبعض العوامل الاحيائية والمركبات النانوية في السيطرة على عثة التمور Ephestia cautella (Walker) في ظروف المختبر (Lepidoptera: Pyralidae)
أهمية التمور
يعتبر نخيل التمر (Phoenix dactylifera L) من الأشجار المثمرة الهامة، حيث ينتمي إلى عائلة Palmaceae وينتشر في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية. يعد العراق من أقدم مواطن النخيل في العالم، وقد ذُكرت هذه الشجرة المباركة في القرآن الكريم، مما يعزز من قيمتها الاقتصادية والاجتماعية والدينية. بلغ عدد أشجار النخيل في العراق أكثر من 30 مليون نخلة حتى عام 1980، مما جعله من أهم الدول المنتجة للتمور عالمياً. في عام 2020، بلغ إنتاج التمور 735.4 ألف طن، مع تصدر محافظة بغداد للمراكز الإنتاجية.
الأهمية الاقتصادية لحشرة عثة التمور (Ephestia cautella)
تعتبر حشرة عثة التمور (Ephestia cautella) من الآفات واسعة الانتشار في معظم دول العالم، وخاصة في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية. تم التعرف عليها لأول مرة في الولايات المتحدة عام 1884، ومن ثم في مناطق أخرى مثل سيلان وجمهورية غانا، حيث تهاجم الحبوب المخزونة والمنتجات النباتية الأخرى. في العراق، تم تسجيل ظهورها لأول مرة عام 1921. حيث تصيب التمور في الحقول والمخازن، مما يؤدي إلى أضرار كبيرة خلال أشهر السنة.
تستهدف عثة التمور التمور الناضجة، وتقوم اليرقات بتغذيتها، مما يؤدي إلى تلوث الثمار بمخلفاتها وجلود الانسلاخ. كما أنها تؤثر على مجموعة واسعة من المحاصيل مثل الحبوب والبقوليات، مما يزيد من خطورة تأثيراتها الاقتصادية. تساهم هذه الحشرة في تعفن الحبوب وتدهور جودة المنتجات المخزونة، مما يزيد من التحديات التي تواجه تسويق التمور العراقية.
تسبب عثة التمور خسائر اقتصادية كبيرة، خاصة في المناطق الجنوبية والوسطى من العراق، مما يؤثر سلبًا على قدرة تسويق التمور في الأسواق الخارجية. نظراً لمقاومتها العالية ضد المبيدات الكيميائية وتغذيتها داخل الثمار، أصبح من الضروري إيجاد طرق فعالة للسيطرة عليها. كذلك يمثل التحكم في أعداد هذه الآفة تحديًا كبيرًا، مما يبرز أهمية البحث عن حلول مستدامة للتقليل من تأثيراتها السلبية على الاقتصاد الزراعي.
الوصف العام ودورة الحياة لعثة التمور (Ephestia cautella)
تعتبر عثة التمور (Ephestia cautella) من الحشرات ذات التحول الكامل، حيث تمر بأربعة مراحل: البيضة، خمسة أعمار يرقية، مرحلة العذراء، والحشرة الكاملة. توضع البيوض البيضاء من قبل الأنثى على سطح التمر، وتتحول إلى اللون البرتقالي قبل الفقس. يمكن أن تضع الأنثى ما يصل إلى 138 بيضة في المرة الواحدة. يبلغ طول اليرقة حوالي 9.5-12.5 ملم ولونها أبيض مائل للوردي، مع بقع سوداء على السطح. تمر اليرقة بمرحلة التعذر لمدة تقارب 9 أيام، حيث تتحول إلى حشرة كاملة، التي تعيش لفترة قصيرة وتضع البيض دون التغذي.
طبيعة الإصابة والضرر
بعد حوالي 48 ساعة من وضع البيض، تبدأ يرقات العمر الأول في الفقس وتدخل إلى التمرة عن طريق فتحة العنق أو عبر ثقوب صغيرة. تتغذى اليرقة على لب التمر، مما يتسبب في حفر أخاديد داخل الثمرة وتلوثها بالبراز. تصل اليرقة إلى العمر اليرقي الخامس، حيث تخرج للبحث عن مكان للتعذر، وقد تعثر على مكان جاف في المخزن أو تتعذر داخل التمرة نفسها. كما تمتلك عثة التمور دورة حياة تبلغ حوالي 31 يومًا، مع خمسة أجيال متداخلة سنويًا، مما يجعل الدور اليرقي هو الأكثر ضررًا.
تأثير الوسط الغذائي
تؤثر نوعية الوسط الغذائي بشكل كبير على حياة عثة التمور، حيث أظهرت الدراسات أن معدل الفقد في وزن الوسط الغذائي مرتبط بنمو الحشرة. كذلك يختلف معدل وضع البيض ونسبة الفقس ونمو اليرقات حسب الوسط الغذائي المستخدم. أظهرت النتائج أن التمر هو الوسط الغذائي الأكثر ملاءمة لنمو الحشرة، حيث كان معدل النمو وإنتاج البيض أعلى مقارنةً بالتين أو الأوساط الأخرى. مما يعكس أهمية اختيار الوسط الغذائي المناسب في تربية عثة التمور.
تهديدات الآفات الزراعية
تعتبر حشرة عثة التمور (Ephestia cautella) واحدة من أخطر الآفات التي تؤثر على جودة التمور. تتسبب يرقاتها في تلوث المواد الغذائية المخزونة، مما يؤدي إلى خسائر كبيرة في الإنتاج. تنتشر هذه الحشرة بشكل واسع في البلدان ذات المناخ الحار، وتنافس أنواع أخرى في مخازن التمور. تتطلب مكافحة هذه الحشرة استراتيجيات فعالة، حيث يُستخدم المبيدات الكيميائية، لكن هناك توجهات حديثة نحو استخدام أساليب بديلة وآمنة مثل المكافحة الحيوية.
طرق المكافحة الحديثة
تشمل طرق المكافحة الحديثة استخدام الفطريات الممرضة مثل Beauveria bassiana، بالإضافة إلى بكتيريا Bacillus thuringiensis. كما تمثل المركبات النانوية، مثل أوكسيد السيليكون والزنك، بديلاً آمناً وفعالاً في مكافحة الآفات. هذه المركبات تسهم في تقليل التلوث البيئي وتحسين كفاءة المبيدات، حيث تتميز بعدم سميتها للبشر والبيئة. كما تعتبر هذه الأساليب الحديثة جزءًا من استراتيجيات إدارة الآفات المستدامة التي تسعى لحماية المحاصيل دون الإضرار بالطبيعة.
تأثير المستحضرات البكتيرية والفطرية على حشرة عثة التمور
أجريت تجارب مختبرية لدراسة تأثير المستحضرات البكتيرية والفطرية، مثل Bacillus thuringiensis وBeauveria bassiana، على حشرة عنة التمور (Ephestia cautella). تم اختبار عدة تركيزات من العلق البوغي لهذه الفطريات والبكتيريا لتحديد نسب الهلاك في الأطوار المختلفة من الحشرة. أظهرت النتائج تفوق المستحضر التجاري للبكتريا B. thuringiensis في تحقيق أعلى نسب هلاك مقارنة بالعزلات المحلية والفطرية. حيث سجلت نسب هلاك تصل إلى 50% للأطوار الكاملة بعد سبعة أيام من المعاملة، مما يشير إلى فعالية هذه المستحضرات في السيطرة على الحشرة.
حساسية الأطوار المختلفة للعوامل البيئية
أظهرت النتائج أن الأطوار البرقية، خاصة اليرقات، كانت الأكثر حساسية للعوامل البيئية الحيوية. حيث سجلت أعلى نسب هلاك في البيوض واليرقات عند استخدام تركيز 1.5 غم/لتر من المستحضرات البكتيرية. بينما أظهرت الفطريات أيضًا نتائج فعالة، حيث بلغت نسب الهلاك في الأطوار المختلفة 63.33% و70% في بعض الحالات. كما تبين أن استخدام المستحضر التجاري Naturalis-L للفطر B. bassiana كان له تأثير ملحوظ على نسب الهلاك، مما يبرز أهمية استخدام هذه المستحضرات في برامج المكافحة.
كفاءة المركبات النانوية ضد عثة التمور
تم تقييم كفاءة ثلاثة أنواع من المركبات النانوية (أوكسيد الزنك، أوكسيد السيليكون، وأوكسيد الألمنيوم) ضد حشرة عنة التمور. أظهر أوكسيد السيليكون أعلى فاعلية، كما حقق نسبة هلاك 100% في العمر اليرقي الأول عند تركيز 200 ملغم/كغم. أما بالنسبة للبيوض والأطوار الكاملة، فقد كانت نسب الهلاك أقل، مما يشير إلى اختلاف فعالية المركبات حسب التركيز والعمر اليرقي. تُظهر هذه النتائج الفروقات المعنوية بين التراكيز المختلفة في تأثيرها على الأدوار المختلفة للحشرة، مما يعزز أهمية البحث في استخدام المركبات النانوية في المكافحة البيولوجية.