رسائل واطاريح

الري الناقص والبوتاسيوم : أثر الري والتسميد على استهلاك المياه وحاصل الذرة البيضاء

تعتبر مشكلة شح الموارد المائية من أبرز التحديات التي تواجه القطاع الزراعي في المناطق الجافة وشبه الجافة، حيث يستهلك حوالي 90% من المياه العذبة في العالم من قبل هذا القطاع. لذا، يتطلب الأمر إدارة فعّالة لجدولة الري لتحقيق التوازن بين زيادة إنتاج المحاصيل واستهلاك المياه بشكل عقلاني يقلل الفاقد. يعتبر الري الناقص والبوتاسيوم من الأساليب الحديثة في إدارة المياه، حيث يقلل كمية المياه المضافة أثناء الري دون أن يؤثر بشكل كبير على الحاصل، مما يُتيح توفير جزء من المياه التي يمكن استخدامها في زراعة أراضٍ جديدة.

يكتسب البوتاسيوم أهمية كبيرة في تعزيز الفعاليات الحيوية للنبات، مثل البناء الضوئي وتنشيط الأنزيمات، فضلاً عن زيادة قدرة النبات على تحمل ظروف الجفاف. على الرغم من الاعتقاد السائد بأن الترب العراقية تحتوي على كميات كافية من البوتاسيوم، أظهرت الدراسات أن تحرر البوتاسيوم من الصيغ غير الجاهزة في التربة بطيء. لذا، فإن إضافة السماد البوتاسي أثبتت فعاليتها في زيادة الحاصل والوزن الجاف للمحاصيل.

أثر الري الناقص والتسميد على استهلاك المياه وحاصل الذرة البيضاء

تعتبر الذرة البيضاء من المحاصيل المهمة، حيث تزرع في المناطق الجافة وشبه الجافة. وتحتل المرتبة الخامسة بين المحاصيل الحبوب في العالم. تعاني الترب الجبسية في العراق من ضعف في بناءها وقابليتها للاحتفاظ بالماء والعناصر الغذائية، مما يؤثر سلبًا على نمو المحاصيل وحاصلها.

تهدف هذه الدراسة إلى تحديد تأثير الري الناقص والبوتاسيوم على الاستهلاك المائي، وصفات النمو، وحاصل الحبوب ومكوناته. والسعي لتحقيق أفضل توافق بين الري الناقص والسماد البوتاسي للحصول على أفضل حاصل كمّي ونوعي مع أقل استهلاك مائي.

الري الناقص

الري الناقص هو تقنية تعتمد على تقليل كمية ماء الري المضافة للمحصول، مما يعرضه لإجهاد مائي محدد خلال مراحل نمو معينة أو طوال الموسم. تهدف هذه الطريقة إلى توفير المياه وزيادة كفاءة استخدامها مع إمكانية زراعة مساحات أكبر. يعرف الري الناقص بإضافة مياه الري بانتظام وبكميات أقل من المطلوبة. مما يسبب إجهادًا في التبخر-نتح، ويمكن تطبيقه على المحاصيل المقاومة للجفاف.

تعتبر هذه التقنية من الوسائل الحديثة التي تهدف إلى زيادة إنتاجية المياه، حيث يقلل الماء في مراحل النمو غير الحساسة للإجهاد مثل الحصاد والنضج. يساعد ذلك على توفير كميات كبيرة من المياه، خاصة في المناطق الجافة. ومع ذلك، من المهم تحقيق توازن بين زيادة إنتاجية المحصول وتقليل المياه المهدورة. خاصة عند محدودية موارد المياه وكلفة الإرواء العالية. وبالتالي، يعتبر الري الناقص نمطًا جديدًا في الري الحقلي يسعى لتحقيق أعلى إنتاجية للمحاصيل لكل وحدة مياه.

أهمية البوتاسيوم

البوتاسيوم هو عنصر غذائي رئيسي يؤثر بشكل كبير على غلة المحاصيل وجودتها، على الرغم من عدم دخوله في تركيب أي جزء عضوي من الخلية النباتية. يساهم البوتاسيوم في العديد من العمليات الحيوية، بما في ذلك:

  • البناء الضوئي: يساعد في تكوين البروتينات والكربوهيدرات.
  • امتصاص المغذيات: يزيد من قدرة النبات على الاحتفاظ بالماء ومقاومته للجفاف.
  • تنظيم الجهد الأزموزي: يساعد في تثبيت النتروجين الجوي عبر العقد الجذرية للنباتات البقولية.

يساهم البوتاسيوم أيضًا في التحكم في درجة الحموضة داخل الخلايا، وزيادة معدل تثبيت ثاني أكسيد الكربون، وتنظيم فتح وغلق الثغور. كما يؤثر في نشاط أكثر من 70 إنزيمًا، بما في ذلك تلك المرتبطة بعمليات نقل الطاقة. مما يؤثر على بناء ATP، الذي يعتبر الناقل الرئيسي للطاقة في العمليات البيولوجية.

المناقشة

تؤكد النتائج أهمية استخدام الري الناقص والبوتاسيوم كاستراتيجية فعالة في تحسين كفاءة استهلاك المياه وزيادة إنتاجية المحاصيل. كما تبين أن إضافة السماد البوتاسي له تأثير إيجابي على نمو وحاصل الذرة البيضاء. مما يعزز من أهمية دمج تقنيات الري الحديثة مع إدارة تسميد فعالة لتحقيق الاستدامة الزراعية.

الاستنتاجات

  • الري الناقص يُعتبر أسلوبًا فعالًا لتحسين كفاءة استهلاك المياه في الزراعة.
  • استخدام السماد البوتاسي يُسهم بشكل كبير في تعزيز نمو المحاصيل وزيادة الإنتاجية.
  • هناك حاجة لمزيد من الدراسات لتحديد التوافق بين تقنيات الري والتسميد لتحقيق أفضل النتائج الزراعية.

التوصيات

  • ضرورة تطبيق تقنيات الري الناقص في المناطق المتأثرة بشح المياه.
  • أهمية زيادة الوعي بين المزارعين حول فوائد التسميد البوتاسي وأثره على إنتاجية المحاصيل.
  • الحاجة إلى إجراء دراسات إضافية لفهم أعمق للتفاعل بين تقنيات الري والتسميد في مختلف الترب والظروف المناخية.

اقرأ ايضا: تأثير الري الناقص والاستنفاد الرطوبي في الاستهلاك المائي وإنتاجية المياه لنخلة التمر (.Phoenix dactylifera L) في محافظة البصرة

الملخص

أجريت تجربة حقلية لدراسة تأثير الري الناقص والتسميد البوتاسي على استهلاك الماء ونمو وحاصل الذرة البيضاء (Sorghum bicolor) في تربة جبسية خلال الموسم الخريفي لعام 2020. تمت التجربة في محطة أبحاث قسم علوم التربة والموارد المائية بجامعة تكريت. باستخدام تصميم القطاعات العشوائية الكاملة وبتطبيق ثلاث مستويات للري (60%، 80%، و100% من الماء المتبخر). وأربع مستويات من التسميد البوتاسي (0، 50، 100، و200 كغم/هـ). زرعت حبوب الذرة البيضاء صنف “إنقاذ” في 21 يوليو وحُصدت في 20 نوفمبر.

أظهرت النتائج أن الاستهلاك المائي الفعلي لمحصول الذرة البيضاء كان أعلى بقيمة 784.6 مم في المعاملة 11، وانخفض الاستهلاك مع زيادة مستوى السماد البوتاسي. تطبيق الري الناقص بدون تسميد بوتاسي زاد كفاءة استعمال الماء. حيث بلغت كفاءة الري الناقص 60% من الاحتياجات المائية 1.00 كغم/م³، بينما كانت كفاءة الري الكامل 0.35 كغم/م³. كما أظهرت المعاملة بتسميد 100 كغم/هـ أعلى كفاءة بلغت 0.83 كغم/م³.

سجلت المعاملة 14 أعلى متوسط لارتفاع النبات (14.63 سم) والوزن الجاف للمجموع الخضري والجذري. كما كانت المعاملة 12 هي الأفضل في حاصل الحبوب بمتوسط 6778.66 كغم/هـ، بزيادة معنوية بلغت 61.56% مقارنة بأقل معاملة. تركيز العناصر الغذائية (N وP وK) في الأوراق والحبوب كان أعلى في المعاملة 14، مع عدم وجود فرق معنوي بالنسبة للفسفور. هذه النتائج تسلط الضوء على أهمية التسميد البوتاسي والري الناقص في تحسين إنتاجية الذرة البيضاء.

م.م. مرتضى شعيت

مرتضى حليم شعيت الصالحي، باحث وأكاديمي عراقي متخصص في العلوم الزراعية وعلوم الحياة. حاصل على شهادة البكالوريوس في العلوم الزراعية (2018) والماجستير في فيزياء التربة (2023). أعمل كمدرس مساعد في قسم علوم الحياة والبيئة، وأشغل منصب مسؤول شعبة الإحصاء في جامعة البصرة. خبير في تحسين الترب الزراعية، الزراعة المائية، وصناعة الأسمدة العضوية. أسعى من خلال عملي إلى دعم البحث العلمي وتطوير حلول مستدامة في القطاع الزراعي، بما يخدم الأكاديميين والمجتمع الزراعي على حد سواء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى