رسائل واطاريح

تأثير ملوحة وصودية ماء الري وتداخلاتهما مع التربة في بعض الخصائص المائية لترب مختلفة النسجة

 تأثير ملوحة وصودية ماء الري وتداخلاتهما مع التربة في بعض الخصائص المائية لترب مختلفة النسجة

تأثير ملوحة وصودية ماء الري وتداخلاتهما مع التربة في بعض الخصائص المائية لترب مختلفة النسجة

اجريت دراسة مختبرية لتقييم التاثيرات المشتركة لملوحة وصودية مياه الري وتداخلها مع نسجة التربة في الجريان غير المشبع لثلاث ترب مختلفة النسجة من منطقة الجادرية : مزيجة رملية ومزيجة ومزيجة طينية، متدرجة في زيادة محتواها الطيني (83.9 و 183.2 و 304.9غم/كغم على التوالي) ومتشابهة في محتواها من نوع معادن الطين: المونتموريلونايت (1:2) والألايت (1:2) والكأولينايت (1:1)، تقع كل هذه النسجات تحت المجموعة Typic torrifluvent.

  ملحت الترب الثلاث في اعمدة خاصة بتسعة انواع من المياه المحضرة، بمستوى ملحي (C) مساوي الى 50 و 100 و 200 مليمكافئ/لتر، ونسبة امتزاز صوديوم (SAR) مساوية الى 0 و 10 و 20 (مليمول/لتر)2/1، بالاضافة الى معاملة الماء المقطر[ C=0 مليمكافئ/لتر و SAR= 0 (مليمول/لتر)2/1] .

     استعملت دوال نقل الماء: النفوذية (λ) والامتصاصية (S) والانتشارية (D) والايصالية المائية المشبعة (Ks) وغير المشبعة[K()] والمستحصل عليها من تطبيق نماذج رياضية ذات اساس فيزيائي واخرى تجريبية وذلك باستعمال بيانات غيض المياه المالحة الافقي والعمودي للاسفل ولمسافة اقصاها 30 سم في اعمدة تربة متجانسة في كثافتها الظاهرية ومقاربة للكثافة الظاهرية الحقلية للترب والمعاملات المختلفة، وذلك كمعايير (Parameters) لتقييم حركة المياه المتباينة في الملوحة والصودية في ترب مختلفة النسجة. كما استعمل عمق الماء الممتص والغائض (I) ومعدل الغيض (i) عند الزمن النهائي كوسائل لتقييم التأثيرات المتداخلة لملوحة وصودية المياه مع نسجة التربة المروية. 

      أظهرت النتائج تفاعلاً معنوياً هاماً وتأثيراً متعاكساً لملوحة وصودية المياه المحضرة عند جريانها في اعمدة التربة الافقية والعمودية، نتيجة التغيرات الحاصلة في سمك الطبقة الكهربائية المزدوجة وفي مسامات التربة، والمتأثر باختلاف نسجة التربة ومحتواها من دقائق الطين، وضحته اهم النتائج الاتية:

  1.  ازدادت المدة الزمنية اللازمة لقطع مسافة 30 سم في اعمدة التربة اثناء الغيض الافقي والعمودي، وانخفضت قيم جميع الدوال المائية المدروسة مع ارتفاع نسبة الـSAR من 0 الى 10 والى 20 (مليمول/لتر)2/1 في المياه المستعملة وبنسب ارتفعت مع زيادة محتوى الطين في التربة من 83.9 غم/كغم (مزيجة رملية) الى 304.9 غم/كغم (مزيجة طينية).
  2. حصل ارتفاع معنوي في جميع قيم الدوال المائية بزيادة التركيز الملحي من 50 الى 100 والى 200 مليمكافئ/لتر وعند أي من مستويات الـSAR [0 و 10 و 20 (مليمول/لتر)2/1] في المياه المستعملة وللترب مختلفة النسجة. 
  3. سببت زيادة تركيز ايون الصوديوم في المياه المالحة في تقليل فعل ارتفاع التركيز الملحي في زيادة قيم λ و S و و Ks ، وظهر ذلك من خلال شكل الزيادة الحاصلة في قيمها، اذ اتخذت شكلاً مقعراً نحو الاعلى عند SAR=0 (مليمول/لتر)2/1، في حين اتخذت شكلاً محدباً نحو الاعلى عند مستوى SAR= 10 و 20 (مليمول/لتر)2/1 وقد توضح ذلك مع ارتفاع محتوى الطين في التربة. 
  4. اعتمد التأثير الملحي المضاد للصودية على نسجة التربة. فلم تظهر فروق معنوية في قيم الدوال λ و S و و Ks عند ارتفاع نسبة الـSAR من 0 الى 10؛ ومن 10 الى 20 (مليمول/لتر)2/1 عند المستوى الملحي 200 مليمكافئ/لتر في التربة المزيجة الرملية، بينما ظهرت فروق معنوية واضحة في التربتين المزيجة والمزيجة الطينية عند مستويات مماثلة في الملوحة ونسبة الـSAR في المياه المستعملة. 
  5. اعيق تطورالمقد الرطوبي للجريان الافقي والممثل بالعلاقة بين θ و λ (x/t1/2) والموصوف من خلال المعادلة (83) المقترحة من قبل Aoda (2007) والمطبقة لاول مرة في هذه الدراسة، وذلك بصورة تدريجية مع زيادة نسبة الـSAR من 0 الى 20 (مليمول/لتر)2/1 وبنسبة ازدادت مع زيادة محتوى الطين في التربة. بينما ازدادت سرعة تطوره واتخذت مواقع متقدمة بارتفاع التركيز الملحي للمياه من 0 الى 200 مليمكافئ/لتر. واستجاب المعيار c دقيقة2/1/سم في المعادلة (83) لتغير التركيز الملحي ونسبة الـSAR في المياه المستعملة وعَكَسَ التغير الحاصل بالفترة الزمنية للغيض الافقي. 
  6. أظهرت نتائج معدل الغيض (i) عند الزمن النهائي للقياس وعمق الماء الممتص والغائض (I) عند فترة زمنية محددة مقدارها 120 دقيقة توافقاً عالياً مع قيم الدوال المائية المدروسة في استجابتها لتباين التركيز الملحي ونسبة الـSAR للمياه المستعملة في الترب مختلفة النسجة.

تعد مياه الري أحد الموارد الطبيعية الأساسية والمهمة لعدد كبير من بلدان العالم ولاسيما تلك الواقعة في المناطق الجافة وشبه الجافة والتي تستعمل فيها الزراعة الأروائية بشكل واسع. لذا فأن توافر مياه صالحة للري هو العامل المحدد في تطور الزراعة في تلك البلدان، وتعد نوعية مياه الري وبالارتباط مع نسجة التربة العامل الرئيس الذي يؤخذ بنظر الاعتبار عند التخطيط لاستعمال الموارد المائية في المشاريع الاروائية على الأمد القريب او البعيد لغرض التوسع في الرقعة الزراعية بسبب النمو السكاني والتطور الاقتصادي والذي يتطلب توفير كميات كبيرة من المياه العذبة. ونظراً لمحدودية مياه الري العذبة والقريبة من الحدود المصنفة عالمياً فقد يلجأ الى استعمال مصادر مياه بديلة ( مياه مالحة او مخاليطها ) متباينة في التركيز الكلي للأملاح ونسبة امتزاز الصوديوم كونهما العاملان المحددان لتصنيف مياه الري متجاوزين بذلك حدود المياه المصنفة عالميا وذلك لمواجهة المتطلبات المتزايدة على المياه العذبة. وهذا طبعاً يؤدي الى حدوث تراكم للأملاح و بصورة طبيعية في مقدات التربة أثناء حركة المياه المالحة فيها وتعتمد درجته على مستوى ملوحة مياه الري وعلى كمية الماء التي تتحرك خلال المنطقة الجذرية فضلاً عن ملوحة التربة الابتدائية. ونتيجة لذلك ستتأثر صفات وخصائص التربة ولاسيما الفيزيائية منها. 
  يؤدي التغير في التركيز الكلي للأملاح ونسبة امتزاز الصوديوم (SAR) في مياه الري والمرتبط بالتأثير غير المرغوب فيه للنسبة المئوية للصوديوم المتبادل في التربة (ESP) الى حدوث مشاكل في الجريان تحددها نسجة التربة المروية. لذا فانه من الضروري دراسة تأثير المياه المتباينة في الملوحة والصودية ولترب مختلفة في جريان الماء وتحت ظروف جريان غير مشبع Unsaturated flow لأهميته في انتقال الطاقة وحركة الماء في منطقة الجذور اذ يحدث تداخل بين الماء والسطوح الصلبة لدقائق التربة مما يؤثر في الخصائص الفيزيائية والكيميائية والبايولوجية للتربة.
يعد غيض الماء العمودي والافقي من أهم الصور لدراسة الجريان غير المشبع لتأثيره الكبير في تحديد مدخولات الترب من الماء والحصول على معلومات كافية عن الدوال التي تدخل في المعادلات الخاصة بحركة وانتشار الماء في التربة وذلك باتباع نماذج رياضية ومعادلات ذات اساس فيزيائي Physically based واخرى وضعية Empirical equation لتقدير بعض الدوال والتوصل الى تقديرات كمية لمسك الماء في التربة. و نظرا لكون جريان الماء غير المشبع عملية ديناميكية معقدة فمن الصعوبة وصفه بدالة واحدة فقط ، فحلول مشاكل الجريان أمر يتطلب معرفة اكثر من دالة أو خاصية مائية . وتعد النفوذية Penetrability (λ)، والامتصاصية Sorptivity (S) والانتشارية Diffusivity (D)، بالاضافة الى الايصالية المائية Hydraulic (K) Conductivity من الخصائص المائية الاساسية في المعادلات التي تصف الجريان غير المشبع، إذ تظهر أهمية هذه الدوال في أمكانيتها وصف حركة الماء وتوزيعه في أثناء جريانه أفقياً وعمودياً وفي الترب غير المشبعة وربط ذلك بتغيرات المحتوى الرطوبي الحجمي وعمود السحب الأمر الذي يمكننا من استعمالها كدالات لمعدل تحطم البناءdown Structure break وتغير حجم المسامات الذي يحدث خلال حركة الماء في التربة. وقد استعملت طرائق عددية وتحليلية مختلفة وغير مباشرة وبرامج حاسوب متطورة لحل النماذج الرياضية والحصول على قيم هذه الدوال .
    و بالرغم من توافر دراسات تظهر مدى تأثير ملوحة وصودية مياه الري على قيم الايصالية المائية المشبعة إلا أنها محدودة جدا وغير متوافرة بالنسبة للخصائص المائية الاخرى وعند مستويات ملحية عالية بالاضافة الى عدم ادخال عامل مهم وبصورة واضحة وهو تأثير نسجة التربة وتغيرالمحتوى الطيني وتداخلهما مع تغير مستوى ملوحة وصودية المياه وتأثيرهما في أداء أثر مضاد للصودية وانعكاس ذلك على الخصائص المائية ومعدل الغيض والغيض التراكمي في التربة. وقد يرجع ذلك الى صعوبة هذا النوع من الدراسات وتعقيده على الرغم من أهميتها في الاستفادة من مدى التقدم والتطور الحاصل في النظريات والنماذج الرياضية التي تصف حركة الماء خلال التربة وامكانية استعمال معدل الغيض والغيض التراكمي كوسائل لتقييم تأثيرات الملوحة والصودية على حركة الماء في التربة وتحت ظروف الجريان غير المشبع. كما ان معرفة قيم دوال حركة المياه المتباينة في الملوحة ونسبة امتزاز الصوديوم وفي ترب مختلفة النسجة يمثل اهمية خاصة في امكانية الوصول الى حدود اساسية تحدد لنا امكانية استعمال هذه الانواع من المياه على الامد القريب او البعيد في مشاريع زراعية ضخمة مستقبلاً دون الخوف من تدهور التربة نتيجة ارتفاع نسبة الصوديوم على معقد التبادل فضلاً عن الأهمية الخاصة في استصلاح الترب الملحية القلوية.


  وعلى ضوء ذلك فأن هذه الدراسة تهدف الى:
  1.  بيان التأثير المتداخل للتركيز الكلي للاملاح مع نسبة امتزاز الصوديوم في سلوك الغيض الافقي والعمودي في ترب مختلفة النسجة.
  2.  تأثير تداخل ملوحة مياه الري مع نسبة امتزاز الصوديوم في دوال نقل الماء في ترب مختلفة النسجة. 
  3. استعمال نتائج هذه الدراسات في التوصل الى توصيات تتعلق باستعمال مياه مالحة او مخاليطها في المشاريع الاروائية.

 

م.م. مرتضى شعيت

مرتضى حليم شعيت الصالحي، باحث وأكاديمي عراقي متخصص في العلوم الزراعية وعلوم الحياة. حاصل على شهادة البكالوريوس في العلوم الزراعية (2018) والماجستير في فيزياء التربة (2023). أعمل كمدرس مساعد في قسم علوم الحياة والبيئة، وأشغل منصب مسؤول شعبة الإحصاء في جامعة البصرة. خبير في تحسين الترب الزراعية، الزراعة المائية، وصناعة الأسمدة العضوية. أسعى من خلال عملي إلى دعم البحث العلمي وتطوير حلول مستدامة في القطاع الزراعي، بما يخدم الأكاديميين والمجتمع الزراعي على حد سواء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى